٢- ترجمات معاني القرآن الكريم من قبل المسلمين لغرض فهم الدين وتفهيمه لمن لا يعرفون العربية بدأت بالترجمة الفارسية التي تمت عام ٣٤٥هـ، أي في منتصف القرن الرابع الهجري، في عهد الملك الساماني أبي صالح منصور بن نوح بن نصر وهي ترجمة مختصرة لتفسير الطبري، وهذا يدل على تحرج المسلمين من قبل من الإقدام على هذا العمل، ونعلم من خلال السياق التاريخي أن اللغة العربية كانت هي اللغة الرسمية للبلدان التي افتتحها المسلمون وكان يتعين على كل من أراد أن يتعلم أمور الدين وينخرط في جادة المجتمع أن يتعلم اللغة العربية، فكل المثقفين كانوا يتقنون اللغة العربية ولكن مع ضعف الخلافة انفردت كل دويلة إسلامية بذاتها ولم يعد للغة العربية مكانتها الأولى في الدول التي يتكون غالبية أهلها من غير العرب، لذا نجد أنهم اعتنوا بهذه الترجمة عناية كبيرة، وأحضر النص العربي لتفسير الطبري من بغداد الملك منصور بن نوح وهو في أربعين مجلداً، ولما وجدوا صعوبة في قراءته وفهمه رأى ترجمته إلى الفارسية، وجمع لذلك نفراً من علماء بلاد ما وراء النهر واستفتاهم في جواز ترجمته فأفتوه بجوازها ليستفيد منها الذين لا يعرفون العربية واعتمدوا في فتواهم على قوله تعالى ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ (إبراهيم: ٤)، ومع هذا فقد عقدت لجنة للقيام بهذه الترجمة، وجعلوا الأصل هو المهيمن عليها تماماً إذ كانت مغرقة في الحرفية ولم يترجم إلا ما يعادل عشر التفسير(١)، بل وحتى الترجمة التركية التي قيل إنها كانت مزامنة لهذه الترجمة حذت حذوها.

(١) انظر:
١- ﷺrberry، ﷺ. J. (١٩٥٨) Classical Persian Literature. London. Pp. ٤٠-٤١.


الصفحة التالية
Icon