ص : ٢٥٧
والأولى أن يقال : إنه يحتمل أن يكون ذلك شرطا في تحريم الربيبة فقط، وأن يكون شرطا في تحريم أمهات النساء أيضا، ولا تحلّ الفروج بالاحتمال، فالاحتياط يقضي أن يجعل شرطا في الربيبة فقط.
٥ - حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم :
الحلائل جمع حليلة، فعيلة بمعنى مفعلة أي محلة.
حرم اللّه على الأب زوجة ابنه، كما حرم على الابن زوجة أبيه وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ.
وقد أرسلها اللّه فلم يقيدها بالدخول، فيعلم أنها تحرم على الأب بمجرد عقد الابن عليها، وقيد اللّه الأبناء بالذين من أصلابكم ليخرج الابن الدعيّ، فهذا تحل حليلته لمن تبناه، وذلك فائدة التقييد.
وقد كانت العرب تحرّم زوجة الابن بالتبني على من تبنّاه، فأحلّها الإسلام، وتزوّج النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم زينب بنت جحش زوج زيد بن حارثة الذي تبناه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، تزوجها بعد أن طلقها زيد، فقالت العرب : تزوّج محمد امرأة ابنه، فنزل : فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ [الأحزاب : ٣٧] وقوله : ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب : ٥] ونزل في ذلك أيضا :
وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ.
فإن قيل : إنّ هذا القيد يخرج الابن من الرضاع كما يخرج الابن بالتبني.
قيل : إن الابن بالرضاع حرمت حليلته
بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم :«يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب».
وقد رأى الفخر الرازي أنّ اسم الحليلة كما يشمل الزوجة يشمل الأمة، لأنها أيضا تحلّ، فقوله : وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ يفيد حرمة أمة الابن أيضا.
وذهب الحنفية إلى أن اسم الحليلة خصّ عرفا بالزوجة، فلا تكون داخلة في الآية، ولا تحرم على الأب بمجرد ملك الابن إياها، بل بالوطء.
٦ - وأن تجمعوا بين الأختين :
حرّم اللّه أن يجمع الرجل بين الأختين في النكاح، وقوله : وَأَنْ تَجْمَعُوا...
في تأويل مصدر معطوف على أُمَّهاتُكُمْ.
وقد رأى علي في بعض الروايات عنه أنه يحرم الجمع بينهما بملك اليمين أو إحداهما بنكاح والأخرى بملك اليمين، وحجته أن اللّه حرم الجمع بين الأختين، وهذا يشمل الجمع بينهما بملك اليمين.