ص : ٢٦٠
لها، وهذا ليس براجح، لأنّ الزواج كما جامع الملك السابق يجامع الملك الطارئ، وقد ورد أن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خيّر بريرة لما بيعت «١»
، ولو كان بيعها طلاقها لما خيّرها.
وقيل - وهو المختار - إنّ ذلك في حق المسبيات إذا كنّ ذوات أزواج، فهو يقول : وحرّم عليكم ذوات الأزواج إلا ما ملكتموهن بسبي، فسباؤكم إياهنّ هادم لنكاحهن.
ويؤيد هذا ما ذكر في سبب نزول الآية.
روى مسلم في «صحيحه» «٢» عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث جيشا إلى أوطاس، فلقوا عدوا، فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، وكأنّ ناسا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تحرّجوا من غشيانهن من أجل أزواجهنّ من المشركين، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك : وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ
أي فهنّ حلال لكم إذا انقضت عدتهن.
فتضمّن هذا الحكم إباحة وطء المسبية بالملك، وإن كان لها زوج من الكفار.
وقيل : إنّ المراد بالمحصنات الحرائر، وقوله : إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إلا ما ملكتموهنّ بعقد زواج صحيح، وهذا ليس بظاهر، لأنّ اللّه قال : وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ [المؤمنون : ٥، ٦] فجعل ما ملكت أيمانهم مقابلا للأزواج، والقرآن يفسّر بعضه بعضا.
(كتب الله عليكم) مصدر مؤكّد أي : كتب اللّه ذلك - وهو تحريمه ما حرّم عليكم - كتابا، وفرضه فرضا.
وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً.
وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ عطف على قوله : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ومن قرأها بالبناء للفاعل عطفها على كتب المقدر.
محصنين : أعفّاء.
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٢/ ١٠٧٩)، ١٧ - كتاب الرضاع، ٩ - باب جواز وطء المسبية، حديث رقم (٣٣/ ١٤٥٦). [.....]