ص : ٣١٧
عنهما قال : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا خرج مسافرا صلّى ركعتين حتى يرجع «١».
وروي عن عمران بن حصين حججت مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فكان يصلي ركعتين حتى يرجع إلى المدينة، وقال لأهل مكة :«صلوا أربعا فإنّا قوم سفر» «٢».
وقال ابن عمر : صحبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في السفر، فلم يزد على ركعتين،
وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان رضي اللّه عنهم في السفر، فلم يزيدوا على ركعتين، حتى قبضهم اللّه «٣»، وقد قال اللّه تعالى : لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب : ٢١] وقال : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف : ١٥٨] وقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«صلوا كما رأيتموني أصلي» «٤»
وقد كانت صلاته في السفر ركعتين فوجب اتباعه، وذلك لأننا متفقون على أن لفظ الصلاة في القرآن مجمل يلتحق به البيان، والبيان فعل الرّسول أو قوله، وهذا فعله، وهذا قوله.
وأيضا لو كان مراد اللّه التخيير بين القصر والإتمام لبيّن ذلك كما بينه في الصوم، وأما ما ورد عن عثمان فقد اعتذر عنه بأنه قد تأهّل، فإنّه حين أتم بمنى أنكر عليه الصحابة، قال : إنما أتممت لأني تأهلت بهذا البلد، وقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :«من تأهّل ببلد فهو من أهله» «٥».
وقد قالت عائشة فيما روي عنها : أول ما فرضت الصلاة وأتمّ فيحمله الحنفية على قصر الفعل، وإتمام الحكم جمعا بين الروايات. وأما ظاهر قوله : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فهم يتأوّلون القصر على قصر الصفة.
وقد ذكر صاحب «الكشاف» «٦» وجها آخر في قوله : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فقال : إنهم لما ألفوا الإتمام فربما خطر ببالهم أنهم نقصوا في قصر الصلاة، فنفي الجناح من أجل ذلك.
وظاهر تعليق القصر على الضرب في الأرض يدلّ على القصر في مطلق السفر، سواء في ذلك السفر للحج والجهاد والتجارة وغيرها، وأيضا قوله :«صلاة السفر ركعتان» يدل على ذلك.
(٢) المرجع نفسه (٢/ ٢٥٤).
(٣) رواه الجصاص في أحكام القرآن (٢/ ٢٥٤).
(٤) رواه البخاري في الصحيح (١/ ١٧٥)، ١٠ - كتاب الأذان، ١٨ - باب الأذان للمسافر حديث رقم (٦٣١).
(٥) رواه أحمد في المسند (١/ ٦٢).
(٦) الإمام الزمخشري في كتابه الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (١/ ٥٥٨). [.....]