ص : ٣٣٩
من سورة المائدة
قال اللّه تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١)
شرح المفردات
يقال أوفى ووفى (بفتح الفاء مخففة) ووفّى (بتشديد الفاء) بمعنى أدّى ما التزمه، مع المبالغة في حالة التشديد، والكلّ ورد في القرآن أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [التوبة : ١١١] وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) [النجم : ٣٧].
والعقود : جمع عقد، وهو في الأصل الربط، تقول عقدت الحبل بالحبل إذا ربطته به، وعقدت البناء بالجص إذا ربطته به، وتقول : عقدت البيع لفلان إذا ربطته بالقول، واليمين في المستقبل تسمّى عقدا لأنّ الحالف ربط نفسه بالمحلوف عليه وألزمها به.
المراد بالعقود هنا ما يشمل العهود التي عقدها الله علينا، وألزمنا بها من الفرائض والواجبات والمباحثات من معاملاتهم ومناكحاتهم.
والأنعام : جمع نعم (بفتحتين) وأكثر ما يطلق على الإبل، ولكن المراد به هنا ما يشمل الإبل والبقر والغنم.
والحرم : جمع حرام، بمعنى محرم، كعناق وهي الأنثى من ولد المعز وعنق بالضم.
دعا اللّه المؤمنين وناداهم بوصف الإيمان، ليحثهم على امتثال ما يكلفهم به، فإنّ الشأن في المؤمنين الانقياد لما يكلّفون به من قبل اللّه تعالى، وطالبهم بالوفاء بالعقود أي التكاليف التي أعلمهم بها، والتزموها بقبولهم الإيمان الذي يعتبر تعهّدا منهم بالعمل بمبادئه، والوقوف عند حدوده، ومن هذه التكاليف ما يعقد الناس بعضهم مع بعض من الأمانات والمعاملات.
ثم قال تعالى تمهيدا للنبيّ عن بعض محرمات الإحرام أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ أي من الإبل والبقر والضأن والمعز.