ص : ٤٢٢
شداد، عن جابر بن عبد اللّه، عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«من صلّى خلف إمام فإنّ قراءته له قراءة»
والروايات في ذلك كثيرة، وفي بعضها عن أبي حنيفة أنّ رجلا قرأ خلف النبي في الصلاة فنهاه آخر فتنازعا، وكان ذلك في الظهر أو العصر، فذكرا ذلك للنبي فقال الذي قدمنا لك.
هذا طرف مما يحتج به الحنفية لمذهبهم.
وأما حجة المالكية ومن يرى رأيهم : فما
رواه مالك وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال :«هل قرأ أحد منكم آنفا»، فقال رجل : نعم يا رسول اللّه، فقال :«إني أقول ما لي أنازع في القرآن» قال فانتهى الناس عن القراءة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما جهر فيه من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «١».
وروى مسلم «٢» عن عمران بن حصين قال : صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنا صلاة الظهر أو العصر، فقال :«أيكم قرأ خلفي بسبح اسم ربك الأعلى»؟ فقال رجل : أنا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«قد علمت أنّ بعضكم خالجنيها».
وروي عن عبادة بن الصامت قال : صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال :«إنّي لأراكم تقرءون وراء إمامكم» قال قلنا : يا رسول اللّه إي واللّه، قال :«فلا تفعلوا إلا بأمّ القرآن» «٣»
وأنت ترى أن هذين الحديثين يدلان على مذهب الشافعية لا على مذهب المالكية.
والشافعية يستدلون بهذين الحديثين وبما ثبت من أنّه لا صلاة إلا بقراءة، ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، وبقوله : فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وقد جمع البخاري في المسألة جزءا كاملا، وكان رأيه رحمه اللّه أنّ المأموم يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية، وهو مذهب الشافعي ورواية عن مالك رحمه اللّه، وعلى كلّ حال فإنّ أدلة هذه المسألة متعارضة، وقد سلك كلّ إمام طريقا في الجمع بينها، وموضع ذلك كتب الفقه.
قال اللّه تعالى : وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦) قيل : الخطاب للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو أمر بإخفاء كلّ ذكر، لأنّ الإخفاء أدخل في
(٢) رواه مسلم في الصحيح (١/ ٢٩٨)، ٤ - كتاب الصلاة، ١٢ - باب نهي المأموم حديث رقم (٤٧/ ٣٩٨).
(٣) رواه أبو داود في السنن (١/ ٣١١)، كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة حديث رقم (٨٢٣).