ص : ٤٣٤ ثالثها : ذوو القربى والمراد بها قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد اختلف في ذوي القربى : فقيل : هم قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من بني هاشم، وقيل : هم قريش كلها، وقيل : هم بنو هاشم وبنو المطلب وهو الراجح،
فقد أخرج ابن جرير «١» عن جبير بن مطعم قال : لما قسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سهم ذوي القربى من خيبر على بني هاشم وبني المطلب مشيت أنا وعثمان بن عفان رضي اللّه عنه فقلنا : يا رسول اللّه! هؤلاء إخوتك بنو هاشم، لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك اللّه به منهم، أرأيت إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة، فقال :«إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» ثم شبّك رسول اللّه يديه إحداهما بالأخرى.
وقيل : إن سهم ذوي القربى طعمة لرسول اللّه - هذا كله إذا كان رسول اللّه حيا - فأما بعد وفاته، فقد اختلف العلماء في سهمه وسهم ذوي قرباه، فقيل : يصرفان في معونة الإسلام وأهله وفي الخيل والسلاح.
وقيل : هما للإمام من بعده روي عن قتادة أنه سئل عن سهم ذوي القربى، فقال : كان طعمة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما كان حيّا فلما توفي جعل لولي الأمر من بعده.
وقال العراقيون : سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مردود في الخمس، والخمس مقسوم على ثلاثة أسهم على اليتامى والمساكين وابن السبيل، ويقال لهم : سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سقط بموته فما الذي أسقط سهم ذوي القربى ولا يلزم من سقوط حق أحد المستحقين سقوط الآخرين.
وقال بعضهم : سهم النبي لقرابة النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال قائلون : سهم القرابة لقرابة الخليفة، ثم اجتمع رأيهم أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل اللّه، فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما. وكأنّهما كانا يريان أنّ سهم ذوي القربى كان طعمة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حياته، وهو لا يورث «٢» فجعلا هذين السهمين في سبيل اللّه.
رابعها : اليتامى، وهم أطفال المسلمين الذين هلك آباؤهم.
خامسها : المساكين، وهم أهل الفاقة والحاجة من المسلمين.
سادسها : ابن السبيل، وهو المجتاز سفرا قد انقطع به.
وقد خالفت المالكية هذه الأقوال المتقدمة جميعها، ورأوا أنّ خمس الغنيمة
(٢) رواه مسلم في الصحيح (٣/ ١٣٨٠)، ٣٢ - كتاب الجهاد، ١٦ - باب قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«لا نورث» حديث رقم (١٧٥٢)، والبخاري في الصحيح (٨/ ٤)، ٨٥ - كتاب الفرائض، ٢ - باب قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«لا نورث» حديث رقم (٦٧٢٥).