ص : ٤٤٢ الثاني : قيل : المراد من قوله : حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ سماع جميع القرآن، وقيل :
سماع سورة براءة، لأنها مشتملة على كيفية المعاملة مع المشركين، وقيل : سماع كل ما يدل على أن الإسلام حق.
الثالث : نصّ الفقهاء من الحنفية على أن الحربي إذا دخل دار الإسلام مستجيرا لغرض شرعي كسماع كلام اللّه، أو دخل بأمان لتجارة وجب تأمينه بحيث يكون محروسا في نفسه وماله إلى أن يبلغ داره التي يأمن فيها.
يؤخذ من الآية ما يأتي
١ - جواز تأمين الحربي إذا طلب ذلك من المسلمين ليسمع ما يدل على صحة الإسلام.
٢ - أنه يجب علينا تعليم كل من التمس منا أن نعلمه شيئا من أمور الدين.
٣ - أنه يجب على الإمام أن يحفظ الحربي المستجير، وأن يمنع الناس عن أن ينالوه بشيء من الأذى، لأن هذا هو المقصود من الإجارة والتأمين.
٤ - أنه يجب على الإمام أن يبلغه مأمنه بعد قضاء حاجته، فلا يجوز تمكينه من الإقامة في دار الإسلام إلا بمقدار قضاء حاجته، عملا بإشارة قوله تعالى : فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ وقد نص الفقهاء من الحنفية على أنه يجب على الإمام أن يأمره بالخروج متى انتهت حاجته، وأن يعلنه بأنه إن أقام بعد الأمر بالخروج سنة في دار الإسلام فلا يمكّن من الرجوع إلى بلاد الحرب، ويصير ذميا، وتوضع عليه الجزية.
قال اللّه تعالى : كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) شروع في تحقيق حقيقة ما سبق من البراءة وأحكامها المتفرعة عليها، وتبيين الحكمة الداعية إلى ذلك، بأنه إذا ظهروا علينا لا يرقبون فينا إلّا ولا ذمة.
و(كيف) للاستفهام الإنكاري لا بمعنى إنكار الواقع، بل بمعنى إنكار الوقوع.
و(يكون) من الكون التام. و(كيف) محلها النصب على التشبيه بالحال أو الظرف، أو من الكون الناقص، و(عهد) اسمها، وفي خبرها ثلاثة أوجه :
الأول : أنه (كيف) وقدم للاستفهام، و(للمشركين) متعلّق بمحذوف وقع حالا من (عهد) أو متعلق بيكون عند من يجوّز التعلق بالناقص.
والثاني : أن خبر (يكون) هو (للمشركين) و(عند) على هذين ظرف للعهد، أو ليكون، أو صفة للعهد.