ص : ٤٨٥
أن يراد به الجنس أي وللصبر خير للصابرين، وأنتم منهم إذا صبرتم. وإما أن يراد به صبركم، أي لصبركم خير لكم، فوضع الصابرين موضع لكم ثناء عليهم.
وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ أمر اللّه بالصبر أمرا صريحا بعد أن ذكر حسن عاقبته، ولما كان الصبر شاقا ذكر ما يعين عليه فقال : وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ فالجأ إليه في طلب الصبر، والتثبيت في الأمر وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ يدعوه إلى عدم الجزع والهلع بترك الحزن، والحزن سببه إما فوات محبوب أو توقع مكروه، فبيّن اللّه ما يستعين به على الصبر، وهو ترك الحزن، فقال : وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ أي على إخوانك المسلمين الذين قتلوا، وهم قتلى أحد، ولا تك في ضيق مما يمكرون، أي ولا يضق صدرك من مكرهم، فإنّ اللّه ينجيك من مكرهم، لأنّه مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا بالنصر والمعونة، أي هو ولي الذين اجتنبوا المعاصي وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ في أعمالهم، ومن التقوى والإحسان الصبر.
وقيل : إن الضمير في قوله : وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ يرجع إلى الكافرين، فيكون كقوله : وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [المائدة : ٦٨] روي عن هرم بن حبان أنه قيل له حين احتضر : أوص، فقال : إنما الوصية من المال، ولا مال لي وأوصيكم بخواتيم سورة النحل.


الصفحة التالية
Icon