ص : ٦٨٧
ويرى ابن العربي أنّه يجوز بعث الصبي، ولكنه لم يقع، وتأوّل الأدلة على أنّها إخبار عمّا سيكون، لا عمّا وقع بالفعل، قال : ومثله كثير في القرآن.
على أنّه لا مانع من أن تبقى الآيات على ظاهرها، ويكون ذلك على خلاف الغالب في الأنبياء.
قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ.
أوزعه بالشي ء : أغراه به، فأوزع فهو موزع، أي مغرى إذا أغراه غيره، والمراد هنا حمله على سلوك سبيل الشكر والتوفيق إلى السير فيه.
والمراد بالنعمة التي أنعم اللّه بها عليه وعلى والديه، قيل : نعمة الدين، وقيل :
كلّ ما في الإنسان من نعمة وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ [النمل : ١٩] معطوف على أَنْ أَشْكُرَ والعمل الصالح المرضي ما يكون سالما من غوائل عدم القبول وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي اجعل الصلاح يسير فيها، ويمشي خلالها، ويتفشّى فيها، ويرسخ، حتى يكون لها خلقا وطبعا. وأصلح : أصله يتعدى بنفسه، وإنما عدّي بالحرب (في) لإفادة الرسوخ والسريان إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ من جميع الذنوب والآثام وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ أنفسهم إليك، المنقادين لك، الخاضعين لربوبيتك.
أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا. هذا إشارة إلى الإنسان المذكور في قوله تعالى : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ وجمعه باعتبار أفراده الذين تحقق فيهم ما ذكر من الأوصاف المذكورة، من معرفة حقوق الوالدين، والرجوع إلى اللّه بسؤال التوفيق للشكر، إلى آخر ما في الآية، وهو إيذان بأنّ هذه الأوصاف هي صفات الإنسانية الكاملة، من اتصف بها فهو الإنسان، وأصحابها هم الذين يكرمهم اللّه، فيتقبل عنهم ما قدموا من صالح العمل وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فيعفو عنها، إذ هي تتلاشى بجانب الحسنات إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود : ١١٤] وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ الذي وعدهم اللّه به في كتبه وعلى لسان أنبيائه، واللّه منجز ما وعد.