ص : ٧١٤
من سورة الواقعة
قال اللّه تعالى : فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠)
قبل أن نتكلّم عن تفسير الآيات نقول : قد ورد القسم على هذا النحو في القرآن الكريم كثيرا، منه قوله تعالى : فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) [الانشقاق : ١٦، ١٧] وفَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) [التكوير : ١٥، ١٦] ولا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) [القيامة : ١] وفَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) [الحاقة : ٣٨] وفَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ [المعارج : ٤٠] ولا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) [البلد : ١].
وقد جاء على غير هذه الصورة، أي من غير (لا) النافية، ومن غير الفعل (أقسم). وقد جاء القسم على أنواع : إمّا قسم اللّه بنفسه موصوفا بالربوبية فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ [الذاريات : ٢٣] والقسم هنا على مضمون جملة خبرية فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) [الحجر : ٩٢، ٩٣].
وإمّا قسم بالذّات معنونة بلفظ الجلالة : وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ [الأنبياء : ٥٧] وتارة يكون القسم بأشياء من خلقه :(كالصافّات) (و الطور) (و الذاريات) (و النجم) و(مواقع النجوم) و(الشمس وضحاها) و(الفجر) و(البلد) و(القيامة) و(التين والزيتون).
وتارة يكون القسم بالقرآن موسوما باسمه يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) [يس : ١، ٢] ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) [ص : ١] ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) [ق : ١] أو موسوما باسم الكتاب حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) [الزخرف : ١، ٢ والدخان : ١، ٢].
ومهما يكن المقسم به فالمقسم عليه لا يعدو أن يكون من أصول الإيمان التي يجب على الخلق معرفتها، فهو تارة يكون قسما على التوحيد، كقوله تعالى : وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤) [الصافات : ١ - ٤].
وتارة يكون قسما على أنّ القرآن حقّ، كقوله تعالى : فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) وقوله : حم (١)