ص : ٧٢٧
بِمَواقِعِ النُّجُومِ ليشير إلى البراهين النفسية والآفاقية بالذكر، كما قال تعالى :
سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ [فصلت : ٥٣] وهذا كقوله : وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) [الذاريات : ٢٠ - ٢٢] حيث جمع بين الأنواع الثلاثة كذلك هنا اه.
وهو جميل كما ترى، غير أنّ للباحث أن يقول : ظاهر كلام الفخر أنّ القسم بمواقع النجوم لإثبات القدرة والاختيار لفاعل مختار، لكن الآية تقول : إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) وظاهر ذلك أنّ المراد إثباته هو هذا الذي سيق مساق المقسم عليه، فمن أين إثبات القدرة والفاعل المختار في القسم بمواقع النجوم؟
وفي النفس من كلام الفخر روعة، ومن آثارها أن نقول : إنّ هذا استدلال على القدرة والفعل من طريق القسم على القرآن وكرمه وصونه، وأنّه تنزيل من رب العالمين بمواقع النجوم من طريق أبلغ، وكأنّه بعد أن سيقت الدلائل السابقة، والتي كان ختامها القسم بمواقع النجوم، وذكرت في القرآن كأنه قيل : اذكروا هذه الدلائل، وتعرّفوا نتائجها، واذكروا معها مواقع النجوم، وتعرّفوا نتيجة الاستدلال بها، تعلموا أنّ القرآن - الذي جاء بهذا - كريم، وأنّه مصون، وأنّه تنزيل من رب العالمين.
وقبل أن نختم الموضوع نقول : إنّ قوله تعالى : تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) توكيد لما قبله، وتقرير له. وكما أنّه لازم لكونه قرآنا كريما بهذا في كتاب مكنون، فهو ملزوم له، فهو دليل وهو مدلول، وكفى هذا خاتمة للموضوع.