أن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان إِذا ختم القرآن جمع أهله وولده فدعا لهم. رواه: ابن المبارك (١)، وابن أبي شيبة (٢)، وابن نصر (٣)، وأبو عبيد (٤)، وابن الضريس (٥)، وابن أبي داود (٦)، والفريابي (٧)، والدارمي (٨)، وسعيد بن منصور (٩)، والطبراني (١٠)، والأنباري (١١)، قال الهيثمي: في سند الطبراني (١٢) :(رجاله ثقات) اهـ. وقال ابن عَلان في رواية ابن أبي داود (١٣) :(بإسنادين صحيحين) اهـ.
وقال الألباني في: رواية الدارمي (١٤) :(سنده صحيح) اهـ.
أي أحد إِسناديه، أما الثاني عنده، ففيه: صالح بن بشير المري، وهو متروك. ولفظه (١٥) :(كان أنس بن مالك إِذا أشفى على ختم القرآن بالليل بَقَّى منه شيئاً حتى يصبح، فيجمع أهله فيختمه معهم).
وفيه صالح بن بشير المري: زاهد ضعيف، كما في: التقريب، وقال الذهبي: متروك (١٦).
(٢) المصنف برقم ١٠٨٧
(٣) كما في: مختصر قيام الليل للمقريزي ص١٠٩.
(٤) فضائل القرآن ٨ / ب.
(٥) ١٠) فضائل القرآن ١ / ٧٤ / ب.
(٦) في: المصاحف، كما في: شرح الأذكار ٣ / ٢٤٤.
(٧) فضائل القرآن. برقم ٨٣، ٨٤، ٨٥، ٨٦. بتحقيق يوسف جبريل.
(٨) السنن ٢ / ٤٦٨، ٤٦٩.
(٩) السنن ١٠٥ / ب مخطوط.
(١٠) برقم ٦٧٤، وانظر: مجمع الزوائد ٧ / ١٧٢، وشرح الأذكار ٣ / ٢٤٤.
(١١) بواسطة: تفسير القرطبي ١ / ٢٦. والأنباري هو: أبو بكر محمد بن القاسم البغدادي المحدث النحوي م سنة ٣٢٨هـ. له: كتاب المصاحف. كما في: الرسالة المستطرفة ص٧٩.
(١٢) مجمع الزوائد ٧ / ١٧٢.
(١٣) شرح الأذكار ٣ / ٢٤٤.
(١٤) من تعليقه على كتاب: لفتة الكبد ص٧.
(١٥) ١٠) سنن الدارمي ٢ / ٤٦٩.
(١٦) ١١) تلخيص المستدرك ١ / ٥٦٩.
ولما كان صالحاً المري الزاهد، م سنة ١٧٦هـ - وقيل غيرها – تدور عليه أسانيد جملة في هذا الباب، رأيت تحرير كلمة الفصل فيه، بتتبع الكلمة فيه، وفي الأحاديث التي يعترض أسانيدها صالحٌ هذا. وعليه: فاعلم أنه من رجال الترمذي في حديث الحال المرتحل، وحديث التنازع في القدر، ولم يرو له بقية الجماعة شيئاً.
وأن عامة ما يرويه في أحاديث الفضائل سوى رواية واحدة في مدة النفساء، ولهذا ليس له ذكر في: نصب الراية ولا ((التلخيص الحبير)) ونحوهما من كتب التخريج لأحاديث الأحكام.
وهذه مواطن أحاديثه في كتب السنَّة والموضوعات: مستدرك الحاكم ١ / ٤٩٣، ٥٦٩، اللآلئ المصنوعة ٢ / ١٢٣، ٤٦٠، مشكاة المصابيح ١ / ٢٦، العلو للذهبي ص٦٠، مجمع الزوائد ١ / ٥١، ٢٨١، ٢٩٦- ٢ / ٦، ٢٣، ٤٦٠- ٣ / ١٢٣- ٦ / ١١٩- ١٠ / ٢١٤، فيض القدير للمناوي ١ / ٢٢٩، ٤٢٩- ٢ / ٣١٤، ٣٧٢- ٣ / ٥٥٢- ٦ / ٤٩، أسباب ورود الحديث للحسيني ١ / ٧٦- ٢ / ٢٤١، الميزان وعنه: اللسان ٥ / ٢٦١، موافقة الخُبر الخبر لابن حجر ص٦٠ مخطوط، شرح الإِحياء للزبيدي ١ / ١٩٦- ٥ / ٢٩، ٣٩- ٧ / ٥٠٤- ٨ / ١٧٧، ٥٢٤. تفسير الطبري تعليق شاكر ٤ / ١٩٤، السلسلة الضعيفة ١ / ٢١٤، ٣٠٩، وهي من رواية أنس رضي الله عنه، وأبي هريرة رضي الله عنه، وابن عباس رضي الله عنهما، وابن عمر رضي الله عنهما، وسلمان رضي الله عنه، وعائذ بن عمرو رضي الله عنه. وحديثه في مدة النفاس رواه الطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي ١ / ٢٨١. وجميع من ذكر عدا الحاكم – يضعفون الأحاديث المذكورة من طريق صالح المري بأنه: ضعيف، أو: متروك، أو ضعيف متروك. والذي قال عنه متروك هم: ابن الجوزي، والذهبي متعقباً للحاكم، والهيثمي. وقال الترمذي في ((جامعه)) (٢ / ١٩): له غرائب ينفرد بها لا يتابع عليها.
وفي كتب الرجال من التهذيب، وفروعه، والميزان، واللسان ونحوهما، لم يذكروا فيه كلمة تعديل، سوى رواية لعباس الدوري عن يحيى بن معين أنه لا بأس به، وفي رواية أخرى قال عنه: ضعيف. وفي ثالثة قال: ليس بشيء. وقال البخاري والفلاس: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك. وهكذا في كلمات النقاد التي تفيد أنه من العبّاد، لكن أحاديثه مناكير؛ فَتُرِكَ من أجلها. وللهيثمي كلمة جامعة فيه فقال في ((المجمع ١ / ٢٨١)): (وفيه: صالح بن بشير المري، وهو ضعيف، ولم يوثقه أحد، إلاَّ ما رواه عباس عن يحيى بن معين: أنه لا بأس به، وروى غيره عن ابن معين وغيره: أنه ضعيف متروك) اهـ.
فهو متروك الحديث مع صلاحه وزهادته، والمتروك لا يعتبر بحديثه في باب الشواهد ولا المتابعات، وهذا يتفق مع ما قرره العلامة الألباني في ((الضعيفة ١ / ٢١٤، ٣٠٩))، خلاف ما قرره في تعليقه على ((مشكاة المصابيح ١ / ٣٦ رقم ٩٨)) فإنه اعتبر به؛ فليصحح، وهذا لا يُشغب به على أهل العلم، كالحال في تعدد الروايات عن الإِمام الواحد في الفقهيات، وفي رتبة الحديث الواحد، وكذا في منزلة الراوي، وللحافظين الذهبي، وابن حجر، في هذا شيء غير قليل يُعْلَمُ من المقابلة بين: الكاشف والمغني كلاهما للذهبي، وبين التقريب والتلخيص والفتح ثلاثتها لابن حجر. والأعذار في هذا مبسوطة. وانظر: ((رفع الملام)) لابن تيمية، لكن هذا يوافق لدى المبتدعة شهوة يعالجون بها كمد الحسرة من ظهور السنة، ولهم في الإِيذاء وقائع مشهودة على مر التاريخ لكنها تنتهي بخذلانهم. والله الموعد.