عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ - عز وجل -: } لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ! إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {،(١٣) قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ.(١٤)
وعن قَتَادَةُ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضي الله عنه -: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - ﷺ -؟ قَالَ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.(١٥)
وأما الإطلاقان الثاني والثالث، فقال الزركشي: قال أبو الحسين أحمد بن فارسٍ في كتاب المسائل الخمس: جمع القرآن على ضربين: أحدهما: تأليف السور، كتقديم السبع الطُّوال، وتعقيبها بالمئين، فهذا الضرب هو الذي تولاه الصحابة رضي اله عنهم(١٦) وأما الجمع الآخر، فضمُّ الآي بعضها إلى بعضٍ، وتعقيب القصة بالقصة، فذلك شيءٌ تولاَّه رسول الله - ﷺ -، ـ(١٧) كما أخبر به جبريل عن أمر ربه - عز وجل -. ـ(١٨)
وأما الإطلاق الرابع، فيتضمن مرحلتين: الأولى جمع متَفَرِّقِهِ في صحفٍ، وهو ما حدث في عصر الصِّدِّيق - رضي الله عنه -، والثانية: جمع تلك الصحف في مصحفٍ واحدٍ، وهو ما حدث في عصر عثمان بن عفان - رضي الله عنه -. ـ(١٩)
(١) هو الإمام العلامة اللغوي المحدث أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني، صاحب كتاب مجمل اللغة، كان رأسًا في الأدب، بصيرًا في فقه مالكٍ، مناظرًا متكلمًا، وكان من رءوس أهل السنة، المجردين على مذهب أهل الحديث، توفي في صفر سنة٣٩٥ هـ. سير أعلام النبلاء (١٧/١٠٣)، شذرات الذهب لابن العماد (٣/١٣٢).
(٢) أبو الحسين أحمد بن فارس- مقاييس اللغة (١/٤٧٩).
(٣) جمهرة اللغة لابن دريد (٢/١٠٣)، وتهذيب اللغة للأزهري (١/٣٩٧).