فقد حفظت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر - رضي الله عنه - حتى وفاته، ثم انتقلت إلى عمر - رضي الله عنه - حتى تُوُفِّي، ثم كانت بعد ذلك عند ابنته حفصة زوج رَسُول اللهِ - ﷺ -، فطلبها منها عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، فنسخ منها المصاحف إلى الأمصار ثم أرجعها إليها، فكانت الصحف المجموعة في عهد أبي بكر - رضي الله عنه - هي الأساس لنسخ المصاحف في زمن عثمان - رضي الله عنه -، وهذا مِمَّا يدل على مكانة هذا الجمع عند الصحابة - رضي الله عنهم -.
قال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ.(٦)
وعن علِيٍّ - رضي الله عنه - قال: رحمةُ اللهِ على أبي بكرٍ؛ كانَ أعظمَ الناسِ أجرًا في جمع المصاحفِ، وهو أوَّل من جمع بين اللَّوْحَيْنِ.(١٤)
قال ابن حجر: وإذا تأمَّل المنصف ما فعله أبو بكرٍ من ذلك جزم بأنه يعد في فضائله، ويُنوِّه بعظيم منقبته؛ لثبوت قوله - ﷺ -: من سنَّ سنة حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بِها.(١٥)
ثم قال: فما جمع القرآن أحدٌ بعده إلا وكان له مثل أجره إلى يوم القيامة.(١٦)
(١) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - القرآن ص ١٧.
(٢) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع أبي بكر القرآن في المصاحف ص ١٢، قال الحافظ ابن حجر: رجاله ثقات مع انقطاعه. فتح الباري (٨/٦٣٠).