وقال ابن فارسٍ: … وأما الجمع الآخر، فضمُّ الآي بعضها إلى بعضٍ، وتعقيب القصة بالقصة، فذلك شيءٌ تولاَّه رسول الله - ﷺ -، كما أخبر به جبريل عن أمر ربه - عز وجل -. ـ(٣٠)
مسألة: ترتيب الآيات في السورة توقيفي
انعقد الإجماع على أن ترتيب الآيات في السورة كان بتوقيف من النبي - ﷺ - عن الله تعالى، وأنه لا مَجال للرأي والاجتهاد فيه، ولم يُعْلَم في ذلك مُخالفٌ.(٣١)
قال السيوطي: الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي، لا شبهة في ذلك، أما الإجماع، فنقله غير واحد، منهم الزركشي في البرهان، وأبو جعفر بن الزبير(٣٢) في مناسباته، وعبارته: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه - ﷺ - وأمره، من غير خلاف في هذا بين المسلمين. اهـ.(٣٣)
قال مكي(٣٤) وغيره: ترتيب الآيات في السور هو من النَّبِيّ - ﷺ -، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة.
وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: ترتيب الآيات أمر واجبٌ، وحكم لازمٌ، فقد كان جبريل يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا.(٣٥)
وقال في الانتصار: الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذين أنزله الله وأمر بإثبات رسمه، ولم ينسخه، ولا رفع تلاوته بعد نزوله هو الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان - رضي الله عنه -، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه شيء، وأن ترتيبه ونظمه ثابتٌ على ما نظمه الله تعالى، ورتب عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم… (٣٦)
وقال أيضًا: ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة -على ما هي عليه الآن في المصحف- توقيف من الله تعالى، وعلى ذلك نقلته الأمة عن نبيها - ﷺ -. ـ(٣٧)
والنصوص التي تدل على ذلك كثيرة، منها: حديث عثمان بن أبي العاص، وحديث عثمان بن عفان، وحديث زيد بن ثابت السابقة قريبًا.
ومنها الأحاديث في خواتيم سورة البقرة، فمنها: