لم ترد رواية تصرح بالترتيب الذي عرض به النبي - ﷺ - القرآن على جبريل - عليه السلام -، ومن ثَمَّ فقد اختلف العلماء في هذا الترتيب:
فذهب بعضهم إلى أن العرض كان على ترتيب القرآن الذي بين أيدينا:
قال أبو بكر الباقلاني: … فالذي يظهر أنه عارضه به هكذا على هذا الترتيب (يعني ترتيب المصحف الآن)، وبه جزم ابن الأنباري. (٥)
قال الكِرْماني: وعلى هذا الترتيب كان يعرضه - ﷺ - على جبريل - عليه السلام - كل سنة، أي: ما كان يجتمع عنده منه، وعرض عليه في السنة التي توفي فيها مرتين.(٦)
وذهب بعض العلماء إلى أن العرض كان على ترتيب النزول:
قال ابن حجر: وفيه نظرٌ (يعني قول الباقلاني)، بل الذي يظهر أنه كان يعارضه به على ترتيب النزول.(٧)
والذي يظهر -والله أعلم- قول الكرماني والباقلاني وابن الأنباري، فإنه لا يُعلم دليلٌ يدل على كيفية عرض النبي - ﷺ - القرآن على جبريل - عليه السلام -، وقد عُلم أن عامة قراءته (٨) - ﷺ - كانت على ما عليه ترتيب المصحف الآن.(٩)
المبحث الثاني: العرضة الأخيرة للقرآن الكريم
لما كانت معارضة النبي - ﷺ - لِجبريل بالقرآن بغرض تأكيد الحفظ والاستظهار وغير ذلك من الفوائد كما سبق، وكانت الحاجة إلى هذا التأكيد بعد وفاة النبي - ﷺ - آكد، فلما اقترب زمن وفاة النبي - ﷺ - عارضه جبريل - عليه السلام - بالقرآن مرتين، وذلك في رمضان من السنة التي تُوُفِّي فيها - ﷺ -، وكان ذلك إرهاصًا بقرب انتقاله - ﷺ - إلى الرفيق الأعلى:


الصفحة التالية
Icon