لم يُجمع القرآن على عهد النبي - ﷺ - في مصحف واحد لعدم توفر الدواعي ولوجود الموانع التي سبق ذكرها، فلما انتفت هذه الموانع، ووجدت الأسباب الداعية إلى جمع القرآن في كتاب واحد فعل ذلك أصحاب النبي - ﷺ -، وكانت أهم هذه الأسباب:
١ - لحوق النبي - ﷺ - بالرفيق الأعلى
كان وجود النبي - ﷺ - بين ظهراني المسلمين أمانًا لهم من حصول الخلاف فيما بينهم، كما كان وجوده - ﷺ - أمانًا من ضياع شيء من القرآن، كما سبق بيانه في أسباب عدم جمع القرآن الكريم في صحف أو مصاحف في عهده - ﷺ -.
عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ- ﷺ - قال: … وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ.(١)
ولما بلغ الرسول - ﷺ - رسالة ربه إلى الأمة، وأتم الله به - ﷺ - شرائع دينه الذي اختاره للناس علمًا وعملاً، وأقام به الملة العوجاء، وكان الموت نَهاية كل حي، فقد اختار الله - عز وجل - رسوله - ﷺ - لجواره في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة النبوية.
ومنذ اللحظة الأولى لوفاته - ﷺ - بدأ الخلاف بين المسلمين، فكان أول شيء يَختلفون فيه: هل مات رسول الله - ﷺ - أو لا؟ ثم تتابع الخلاف بين الأمة في غير الأمور المعلومة بالضرورة من دين الله، إذ ليس فيهم معصوم مؤيد بالوحي بعده - ﷺ -.