وكان من أعتى أدعياء النبوة مسيلمة الكذاب،(١١) وكان قومه بنو حنيفة قد التفوا حوله واتبعوه.
وكان بنو حنيفة يسكنون اليمامة، فأرسل إليهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - جيشًا بقيادة عكرمة بن أبي جهل، وأمده بشرحبيل بن حسنة، وانْهزم عكرمة أول الأمر، ثم جاءهم خالد بن الوليد بِمدد وقاد الجيش إلى النصر.
وكانت موقعة اليمامة سنة إحدى عشرة من الهجرة النبوية، وقُتِل فيها مسيلمة الكذاب، وكثير مِمَّن كان معه، لَمَّا حوصروا في الحديقة التي عرفت فيما بعد بِحديقة الموت، فقد قتل فيها من بني حنيفة نحو سبعة آلاف رجل، وكان جملة القتلى من بني حنيفة ومن معهم أكثر من عشرين ألف رجلٍ، وبلغ القتلى من الصحابة نحو ستين وست مائة رجلٍ، وكان جملة القتلى من المسلمين نحو ستين وتسعمائة رجلٍ.(١٢) وقيل بلغ القتلى من الصحابة نحو خمسين وأربعمائة رجل، وبلغت جملة القتلى من المسلمين مائتين وألف رجلٍ.(١٣)
عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا، أَعَزَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ. قَالَ: وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ - ﷺ -، وَيَوْمُ الْيَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ.(١٤)
وعن سعيد بن المسيب قال: قُتِل من الأنصار يوم اليمامة سبعون.(١٥)
إذا كان هذا هو عدد القتلى من أصحاب النبي - ﷺ - في يوم اليمامة، فلا شك أن الكثير منهم كان مِمَّن حفظ القرآن، إما كله أو بعضه، فيكون الْمجموع حافظًا لكل القرآن.


الصفحة التالية
Icon