فمنهم من لا يعرف من القرآن إلا اسمه، هجروه واتخذوه وراءهم ظهرياً واشتروا به ثمنا قليلاً فبئس ما يشترون.
ومنهم من أنعم الله عليهم بحفظه وجعل صدورهم أوعية لكتابه... ينتفع بهم الناس أنى وجدوهم.
ومنهم من آتاهم الله فهما لكتابه، فنور قلوبهم بحفظه، ونور عقولهم بفهمه، ونور وجوههم بالعمل به... فكانوا في الناس كالغيث أينما وقع ونفع، ثم إنه سبحانه وتعالى ربط سنة نبيه - ﷺ - بكتابه ربطاً وثيقاً فهي المبينة لما غمض منه، والمتصلة لما أجمل، والموضحة لما أشكل، والمقيدة لما أطلق... وهي بعد ذلك كله تستقل بالتشريع، فهي واجبة الاتباع... وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله.
ومن هنا فإن القرآن والسنة قرينان لا ينفصلان، ولقد من الله على أناس من خلقه جمعوا بين علوم القرآن وعلوم السنة فكانوا في الناس منارات هدى ومصابيح رشد، فجعلت أفئدة الناس تهوى إليهم من كل زمان، ورحلات طلاب العلم تيمم نحوهم من كل مكان... فحدثوا وأجادوا وعلموا وأفادوا، وكان من هؤلاء العلماء الكرام والأئمة الأعلام الإمام الشيخ الورع الحافظ أبو العلي محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري الأعظم كرهي، الهندي الأصل، المولود سنة ١٢٨٣ هـ ثلاث وثمانين ومائتين وألف، والمتوفى سنة ١٣٥٣ ثلاث وخمسين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية، قضى ثلثي عمره في الإفادة والتعليم – أي نحواً من ست وأربعين سنة – وكف بصره وهو يؤلف كتابا [ لم تخط المكتبة الإسلامية – في مجاله – بمثله ] ألا وهو كتاب تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي.
أهمية الموضوع :


الصفحة التالية
Icon