أو إنه تعمد من الشيخ – رحمه الله – اعتماداً منه على معرفة القارئ لأسلوب الحافظ ابن حجر، مما يجعله يميز بين القولين دون حاجة لنسبة الكلام المذكور لابن حجر ؟ ! كلاهما محتمل والله أعلم بالصواب.
ومن أمثلة ذلك : عند قوله تعالى :﴿ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾(١)قال :" قال الحافظ ظاهره(٢)إن عدياً(٣)كان حاضراً لما نزلت هذه الآية، وهو يقتضي تقدم إسلامه وليس كذلك، لأن نزول فرض الصوم كان متقدما في أوائل الهجرة وإسلام عدي كان في التاسعة أو العاشرة، فإما أن يقال إن الآية التي في حديث الباب تأخر نزولها عن نزول فرض الصوم وهو بعيد جداً، وإما أن يأول قول عدي هذا على أن المراد بقوله لما نزلت أي لما تليت علي عند إسلامي، أو لما بلغني نزول الآية، أو في السباق حذف تقديره : لما نزلت الآية ثم قدمت فأسلمت وتعلمت الشرائع، قال لي [ إنما ذلك أي الخيط الأبيض من الخيط الأسود بياض النهار من سواد الليل، وفي رواية مسلم " إنما هو سواد الليل وبياض النهار ]

(١) ١ )... البقرة : ١٨٧.
(٢) ٢ )... يقصد حديث عدي في الآية، لما نزلت الآية قال لي النبي - ﷺ - :" إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل "، رواه الترمذي وقال حسن صحيح. أبواب التفسير رقم [ ٢٩٧٠ ].
(٣) ٣ )... عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس الطائي، صحابي جليل، وفد على النبي - ﷺ - سنة ٩ هـ فأسلم، وروي عن النبي - ﷺ - أحاديث كثيرة، وشهد صفين مع علي - رضي الله عنه - توفي سنة ٦٧ وله ١٢٠ سنه. أسد الغابة لابن الأثير ٣ / ٢٣٣، دار المعرفة.


الصفحة التالية
Icon