وانتقل التفسير أيضاً من مرحلة التلقين إلى مرحلة التدوين قال الحافظ ابن كثير(١): " فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير فالجواب أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر.. فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له.. وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، والعمل الصالح لاسيما علماءهم وكبراءهم، فإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عند الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب(٢)والضحاك بن مزاحم(٣)وغيرهم من التابعين(٤).
ثانيا : التفسير بالرأي
الرأي في اللغة يطلق على الاعتقاد والنظر والتأمل.

(١) ١ )... الحافظ الكبير عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير.. البصري ثم الدمشقي، ولد سنة ٧٠٠ وقدم دمشق وله سبع سنين، من مصنفاته :" البداية والنهاية في التاريخ، تفسير القرآن العظيم، جمع المساند العشرة في الحديث " وغيرها، ت : سنة ٧٧٤. شذارت الذاهب ٦ / ٢٣١.
(٢) ١ )... سعيد بن المسيب بن حمزة المخزومي أبو محمد، عالم التابعين، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، قرأ على ابن عباس وأبي هريرة، وروى عن عثمان وسعيد بن زيد، ت : سنة ٩٤. طبقات القراء ١ / ٣٠٨.
(٣) ٢ )... الضحاك بن مزاحم الهلالي أبو محمد وقيل أبو القاسم، صاحب التفسير كان من أوعية العلم، صدوقاً في نفسه وليس بالمجود لحديثه، مات سنة ١٠٢. السير ٤ / ٥٩٨، وطبقات المفسرين للأدنوري : ١٠.
(٤) ٣ )... انظر مفدمة تفسير ابن كثير ١ / ٣٥. ط : مكتبة الإيمان – المنصورة.


الصفحة التالية
Icon