ولم أقف - فيما اطلعت عليه - على خلاف - حقيقي – بين المفسرين في معني هذا الدعاء.
قال أبو جعفر(١)أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعاً على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه... ثم تستعير العرب الصراط فتستعمله في كل قول وعمل وصف باستقامة أو اعوجاج فتصف المستقيم باستقامته والمعوج باعوجاجه.
والذي هو أولى بتأويل الآية عندي - أعني ( اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ) - أن يكون معنياً به وفقنا للثبات على ما أرتضيته ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك من قول وعمل.
وذلك هو الصراط المستقيم لأن من وُفَّق لما وُفَّق له من أنعم الله عليه من النبيين والصديقين والشهداء فقد وفق للإسلام وتصديق الرسل والتمسك بالكتاب والعمل بما أمر الله به والانزجار عما زجره عنه واتباع منهج النبي - ﷺ - ومنهاج أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وكل عبد لله صالح وكل ذلك من الصراط المستقيم(٢).
أقول : ولا مخالفة بين ما قاله المباركفوري وما أجمع عليه أهل التأويل كما قال الطبري في المعنىّ بالصراط المستقيم.
وقد يتوهم الخلاف بينه وبين غيره في معنى " اهدنا " – إذ هي عنده بمعنى " ثبتنا " وعند الطبري " وفقنا للثبات " – ولكن هذا لا يعدو كونه خلافاً لفظياً حيث إن " ثبتنا " بمعنى " وفقنا للثبات " فهما بمعنى واحد.
والله أعلم

(١) ٦ )... الإمام محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطبري. استوطن بغداد وأقام بها إلى حين وفاته. له كتب في التفسير، والتاريخ وأصول الفقه وفروعه. مات يوم السبت لأربع بقين من شوال سنة ٣١٠ هـ ودفن بداره – تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢. المكتبة السلفية.
(٢) ١ )... تفسير الطبري ١ / ١٠٣، ١٠٤، دار الكتب العلمية – باختصار.


الصفحة التالية
Icon