وأما ما قاله الإمام الرازي – رحمه الله – من أن " هذا بعيد لأنه يقتضي وجوب الدخول حال السجود فلو حملنا السجود على ظاهره لامتنع ذلك " فهو... أولاً : مخالف لظاهر الآية " سجداً " ولو أراد الله غير ذلك لصرح به، وهو ثانياً : غير متعذر على مذهب الإمام الرازي – رحمه الله – في جواز تكليف المحال(١)
فلم يبق إلا أنهم أمروا بالدخول ساجدين، ولعل الأمر بالدخول على هذه الحال المتعذرة متعلق – والله أعلم – بطبيعة اليهود الخبيثة وعقوبة لهم على جبنهم أول الأمر عن دخول هذه الأرض.
والله تعالى أعلم
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾(٢).
متى تكون شهادة المسلمين ؟ وبمن تتعلق ؟
قال المباركفوري :﴿ لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ﴾ أي على من قبلكم من الكفار أن رسلهم بَلَّغَتْهُم، ﴿ وَيَكُونَ الرَّسُولُ ﴾ أي رسولكم واللام للعوض أو اللام للعهد، والمراد به محمد - ﷺ -، ﴿ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ أنه بَلَّغَكُم ( ٢ ).
هذا الكلام من المباركفوري رحمه الله – وإن أصاب جانباً من الحق – فقد ترك جوانب أخرى لأنه :
أولاً : قصر مجال الشهادة على وقوع البلاغ من الرسل لأقوامهم، وهذا ما يتنافى مع الأخبار الكثيرة التي تثبت وقوع الشهادة في الدنيا – إلى جانب وقوعها في الآخرة – بين الناس بعضهم البعض.
من هذه الأخبار :

(١) ٤ )... انظر مذهب الرازي رداً على المعتزلة في جواز تكليف ما لا يطاق في تفسير قول الله تعالى := = ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ ٤ / ٧ / ٢٢١، ٢٢٢.
(٢) ١ )... البقرة : ١٤٣.......... ( ٢ )... تحفة الأحوذي ٨ / ٢٣٨.


الصفحة التالية
Icon