وأما إذا أدغما في النون أو الميم فإن الإدغام حينئذ يكون كاملا؛ لأن في كل من المدغم والمدغم فيه غنة، فإذا ذهبت غنة المدغم بالإدغام بقيت غنة المدغم فيه، فالتشديد مستكمل.
هذا وإذا اجتمع المدغم مع المدغم فيه في كلمة واحدة، وذلك بالنسبة للنون الساكنة فقط - وجب الإظهار، ويسمى هذا النوع من الإظهار إظهارا مطلقا؛ لعدم تقييده بحلق أو شفة، وقد وقع هذا النوع من الإظهار في أربع كلمات في القرآن فقط: كلمة الدُّنْيَا (١) حيث وقعت، وكلمة بُنْيَانٌ (٢) كذلك، وكلمة قِنْوَانٌ (٣) بسورة الأنعام، وكلمة صِنْوَانٌ (٤) في موضعي الرعد.
وإنما لم يدغم هذا النوع لئلا يلتبس بالمضاعف، وهو ما تكرر أحد أصوله،
هذا وتلحق النون من هجاء يس * وَالْقُرْآنِ (٥) ون وَالْقَلَمِ (٦) بهذا النوع من الإظهار فلا تدغم لحفص، من طريق الشاطبية.
٢. إدغام بغير غنة:
وله حرفان مجموعان في لفظ "رل" وهما الراء واللام.
فمثال الراء بعد النون: مِّن رَّبِّهِمْ (٧) ومثالها بعد التنوين:
غَفُورًا رَحِيمًا (٨)
ومثال اللام بعد النون: مِن لَّدُنْهُ (٩) وبعد التنوين: رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (١٠).
ويسمى الإدغام بغير غنة إدغاماً كاملا لذهاب لفظ المدغم وصفته معا، والسبب في إدغام النون الساكنة والتنوين في النون التماثل.
وفي الميم التجانس في الصفة فقد اتحدت النون مع الميم في جميع الصفات، وفي الياء والواو التقارب في الصفة، فقد اشتركت النون مع الواو والياء في الجهر، والاستفال، والانفتاح، وأيضاً مضارعتهما النون باللين الذي فيهما لشبهه بالغنة.
وفي اللام والراء، التقارب في المخرج، وفي أكثر الصفات.
ووجه حذف الغنة مع اللام والراء المبالغة في التخفيف.
فللإدغام ثلاثة أسباب: التماثل، والتقارب، والتجانس.
قال صاحب التحفة
والثانِ إدغامٌ بستةٍ أتَْت
(٢) من مواضعها: سورة الصف: الآية (٤).
(٣) الآية (٩٩).
(٤) الآية (٤).
(٥) سورة يس: الآية (١-٢).
(٦) سورة القلم: الآية (١).
(٧) سورة البقرة: الآية (٥).
(٨) سورة النساء: الآية (٢٣).
(٩) سورة الكهف: الآية (٢).
(١٠) سورة الأنبياء: الآية (١٠٧).