لما كانت هاء الضمير في اصطلاح القراء: هي الهاء الزائدة الدالة على الواحد المذكر الغائب، سميت هاء الكناية أيضا لأنها يكنى بها عن المفرد والمذكر الغائب، ولها أربع أحوال:
الحالة الأولى: أن تقع بعد متحرك وقبل ساكن نحو: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ (١)
الحالة الثانية: أن تقع بين ساكنين نحو: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (٢)
وقد اتفق القراء العشرة على عدم صلة هاء الضمير في هاتين الحالتين إلا البزي عن ابن كثير في قوله تعالى: فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (٣) فإنه يصل الهاء بواو لفظية في الوصل، ويشدد التاء من "تلهى"، ويلزم حينئذ مد الهاء مدا طويلا لوجود الساكن المدغم.
الحالة الثالثة: أن تقع بين متحركين نحو: إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (٤)
ولا خلاف بين عامة القراء في صلة هذه الهاء بواو لفظية في الوصل إذا كانت مضمومة، وبياء لفظية في الوصل إذا كانت مكسورة.
وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه وصلها بواو لفظية إذا كانت مضمومة، وبياء لفظية إذا كانت مكسورة -كما أسلفنا- إلا في خمسة مواضع منها، وهي: أَرْجِهْ في الأعراف (٥) والشعراء، (٦) وَيَتَّقْهِ في النور، (٧) وفَأَلْقِهِ بالنمل (٨)، ويَرْضَهُ بالزمر (٩).
أما أَرْجِهْ وفَأَلْقِهِ فقرأهما بإسكان الهاء وصلا ووقفا.
وأما وَيَتَّقْهِ فقرأ بقصر الهاء أي كسرها من غير صلة؛ لأنه يسكن القاف قبلها.
وأما يَرْضَهُ فقرأ بقصر الهاء مضمومة من غير صلة.
الحالة الرابعة: أن تقع بعد ساكن وقبل متحرك نحو: فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (١٠)
وهذه الحالة مختلف فيها بين القراء العشرة، فابن كثير يصلها بواو إذا كانت مضمومة، وبياء إذا كانت مكسورة، ويوافقه حفص في لفظ فِيهِ مُهَانًا (١١)
(٢) سورة البقرة الآية: (١٨٥).
(٣) سورة عبس الآية: (١٠).
(٤) سورة الانشقاق الآية: (١٥).
(٥) الآية: (١١١).
(٦) الآية: (٣٦).
(٧) الآية: (٥٢).
(٨) الآية: (٢٨).
(٩) الآية: (٧).
(١٠) سورة البقرة الآية: (٢).
(١١) الآية: (٦٩).