فالوقف على: "الحمد" من قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ (١) قبيح، وكذلك الوقف على: "بسم" من: بِسْمِ اللَّهِ (٢). فكل وقف على ما لا يفهم منه معنى يعد قبيحا، ولا يجوز إلا لضرورة، كانقطاع نفس ونحوه، أو لتعليم القارئ الوقف على الكلمة.
ولا بد من الابتداء بالكلمة الموقوف عليها، أو بما قبلها على حسب ما يقتضيه المعنى من الحسن؛ لأن الوقف قد أبيح للضرورة، ولا ضرورة في الابتداء، فلا يكون إلا اختياريا، ومن ثم فلا يجوز إلا بمستقل بالمعنى موفٍ بالمقصود، فالابتداء بما تعلق بما قبله يعتبر قبيحا.
وأشد قبحا الوقف والابتداء الموهمان خلاف المراد: كالوقف على قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي (٣) وكالوقف على قوله: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا (٤) ثم الابتداء بقوله: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ (٥) وغير ذلك مما يوهم الوقف عليه أو الابتداء وصفا لا يليق به تعالى، أو يفهم معنى غير ما أراده الله جل وعلا فمن وقف على مثل هذا لضرورة وجب عليه أن يرجع إلى ما قبله، ويصل الكلام بعضه ببعض.
والوقف في ذاته لا يوصف بالوجوب ولا بالحرمة، وليس في القرآن من وقف واجب يأثم القارئ بتركه، ولا من حرام يأثم بفعله، وإنما يتصف بهما بحسب ما يعرض له من قصد إيهام خلاف المراد.
مواضع السكت
ورد السكت عن حفص في أربعة مواضع:
الأول: قوله تعالى: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (٦) بالكهف، فالسكت هنا على الألف المبدلة من التنوين في لفظ "عوجا"؛ وذلك لبيان أن ما بعده وهو قوله: قَيِّمًا (٧) ليس متصلا بما قبله.
الثاني: قوله تعالى: قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا (٨) في يس، فالسكت هنا على ألف "مرقدنا"؛ وذلك لبيان أن كلام الكفار قد انقضى، وما بعده وهو قوله: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٩) ليس من كلامهم، بل هو من كلام الملائكة، أو المؤمنين.

(١) سورة الفاتحة: الآية (٢).
(٢) سورة الفاتحة: الآية (١).
(٣) سورة البقرة: الآية (٢٦).
(٤) سورة آل عمران: الآية (١٨١).
(٥) سورة آل عمران: الآية (١٨١).
(٦) الآية (١).
(٧) سورة الكهف: الآية (٢).
(٨) الآية (٥٢).
(٩) سورة يس: الآية (٥٢).


الصفحة التالية
Icon