وأما الرابع: وهو قوله تعالى: ((وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)) فقد تدل عليه الآيات الدالة على الأمر الثاني، وهو كتابه جميع الأعمال التي قدموها(١)، بناء على أن المراد بذلك خصوص الأعمال.
وأما على فرض كونه عاماً فقد دلت عليه آيات أخر؛ كقوله تعالى: ﴿ وَأَحَاطَ بِمَا ِNخkِ‰y‰s٩ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ﴾ [سورة الجن: ٢٨]، وقوله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [سورة الأنعام: ٣٨] بناء على أن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، وهو أصح القولين -والعلم عند الله- "(٢).
إذاً الشيخ الشنقيطي يرى أن المراد بالإمام المبين: اللوح المحفوظ.
الموافقون:
(١) عندما ذكر الأمر الثاني قال: وأما الثاني: هو كونه يكتب ما قدموه في دار الدنيا؛ فقد جاء في آيات كثيرة، كقوله تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا ِNخkِ‰y‰s٩ يَكْتُبُونَ (٨٠) ﴾ [سورة الزخرف: ٨٠]، وقوله تعالى: ﴿ هَذَا $sYç٦"tFد. يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩) ﴾ [سورة الجاثية: ٢٩]، وقوله تعالى: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ çm"sYّBu"ّ٩r& طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ كlحچّƒéUur لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) ù&uچّ%$# كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ $Y٧ٹإ،xm (١٤) ﴾ [سورة الإسراء: ١٣-١٤]، وقوله تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ "uژyIsù tûüدBحچôfكJّ٩$# مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ $sYtGn=÷ƒuq"tƒ مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ﴾ [سورة الكهف: ٤٩]، وقوله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨) ﴾ [سورة ق: ١٨]. انظر: أضواء البيان (٦/٦٥٥).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (٦/٦٥٤-٦٥٦).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (٦/٦٥٤-٦٥٦).
١- أن المعنى: صدّوا الناس عن دين الإسلام.
٢- أن المعنى: صدّوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ ما لهم(١).
وهذان المعنيان (١+٢) مبنيان على أن (صدوا) هي المتعدية.
٣- أو يكون المعنى: صدوا أنفسهم عن سبيل الله - عز وجل -، بمعنى: أعرضوا عن دين الإسلام(٢).
ترجيح الشنقيطي:
... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن المنافقين اتخذوا أيمانهم جنة، والأيمان جمع يمين؛ وهي الحلف، والجُنَّة هي الترس الذي يتقي به المقاتل وقع السلاح، والمعنى أنهم جعلوا الأيمان الكاذبة، وهي حلفهم للمسلمين أنهم معهم وأنهم مخلصون في باطن الأمر، ترساً لهم يتقون به الشر الذي ينزل بهم لو صرحوا بكفرهم.
وقوله تعالى: ((فصدوا عن سبيل الله)) الظاهر أنه من صد المتعدية، وأن المفعول محذوف أي فصدوا غيرهم ممن أطاعهم؛ لأن صدودهم في أنفسهم دل عليه قوله ((اتخذوا أيمانهم جنة))، والحمل على التأسيس أولى من الحمل على التأكيد.
(١) القولان (١+٢) ذكرهما ابن الجوزي في زاد المسير (٧/٣٢٧).
(٢) ذكره أبوحيان في البحر المحيط (١٠/١٣٠).
(٢) ذكره أبوحيان في البحر المحيط (١٠/١٣٠).