دراسة ترجيحات الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان

٦- ابن عاشور: " ((مقرّنين)) حال من ضمير ((ألقوا)) أي مقرناً بعضهم في بعض كحال الأسرى والمساجين أن يقرن عدد منهم في وثاق واحد، كما قال تعالى: ﴿ tûïحچyz#uنur مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٣٨) ﴾ [سورة ص: ٣٨]. والمقرّن: المقرون، صيغت له مادة التفعيل للإشارة إلى شدة القرن "(١).
المخالفون:
... قلة من المفسرين اختاروا أحد الأقوال الأخرى في بيان معنى الآية -سوى ما اختاره الشنقيطي- منهم:
١- الإمام الطبري: " ((وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك بثوراً)) يقول تعالى ذكره وإذا ألقي هؤلاء المكذبون بالساعة من النار مكاناً ضيقاً قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال دعوا هنالك ثبوراً "(٢).
٢- المحلّي: " ((مقرنين)) مصفدين قد قرنت أي جمعت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال والتشديد للتكثير "(٣).
٣- البيضاوي: " ((مقرنين)) قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل "(٤).
٤- سيد قطب: " ثم ها هم أولاء قد وصلوا. فلم يتركوا لهذا الغول طلقاء. يصارعونها فتصرعهم. ويتحامونها فتغلبهم. بل ألقوا إليها إلقاء. ألقوا مقرنين، قد قرنت أيديهم إلى أرجلهم في السلاسل "(٥).
ومع قلة الموافقين وقلة المخالفين فإن الأغلب الأعم من المفسرين يذكرون أكثر من قول عند تفسيرهم الآية ولا يمكن تصنيفهم (موافقين - مخالفين) حيث إن الأقوال لتتداخل مع بعضها، وإليكم بعض ما قالوه:
١- الإمام البغوي: " ((مقرنين)) مصفدين قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال. وقيل: مقرنين مع الشياطين في السلاسل "(٦).

الثاني: لا شك أن الأنبياء أرفع حالا من الأولياء، فلما قال في هذا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) ﴾ [سورة الأحقاف: ١٣]، فكيف يعقل أن يبقى الرسول الذي هو رئيس الأتقياء وقدوة الأنبياء والأولياء شاكًّا في أنه هل هو من المغفورين أو من المعذبين؟
الثالث: أنه تعالى قال: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [سورة الأنعام: ١٢٤] والمراد منه كمال حاله ونهاية قربه من الله تعالى، ومن هذا حاله كيف يليق به أن يبقى شاكاً في أنه من المعذبين أو من المغفورين؟ فثبت أن هذا القول ضعيف "(١).
٨- من الأدلة التي قد تؤيد القول المرجوح؛ حديث أم العلاء(٢) -امرأة من الأنصار بايعت النبي - ﷺ - قالت: اقتُسم المهاجرون قُرعة، فطار لنا عثمان بن مظعون (٣) فأنزلناه في أبياتنا، فوجع وجعه الذي توفي فيه، فلما توفي وغسّل وكفّن في أثوابه دخل رسول الله - ﷺ -، فقلتُ: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله -فقال النبي - ﷺ - :" وما يدريك أن الله أكرمه " فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال: " أما هو فقد جاءه اليقين -والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري- وأنا رسول الله- ما يفعل بي " قالت: فوالله لا أزكي أحداً بعده أبداً.

منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل، محمد محي الدين عبدالحميد، الطبعة الرابعة عشرة، جمادى الأولى ١٣٨٤هـ - أكتوبر ١٩٦٤م، الناشر: المكتبة التجارية الكبرى بمصر.
منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز، العلامة الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي، مطبوع في الجزء العاشر من أضواء البيان.
منهج التشريع الإسلامي وحكمته، العلامة الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي، ضمن سلسلة محاضرات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنور، منشورات المكتبة العلمية، لصاحبها: محمد نمنكاني - المدينة المنورة.
مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، أبي عبدالله محمد بن محمد بن عبدالرحمن الطرابلسي المغربي المعروف بالخطاب، ملتزم الطبع والنشر: مكتبة النجاح - طرابلس - تركيا.
الموسوعة العربية العالمية، الناشر: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة الأولى، ١٤١٦هـ-١٩٩٦م.
الموسوعة العربية الميسرة، بإشراف: محمد شفيق غربال، الطبعة الأولى، ١٩٦٥م، دار القلم ومؤسسة فرانكين للطباعة والنشر.
موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - ﷺ -، إعداد مجموعة من المختصين بإشراف: الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد وعبدالرحمن بن محمد بن ملّوح، الطبعة الأولى، ١٤١٨هـ-١٩٩٨م، دار الوسيلة - جدة.
نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء، محمد حسن عقيل موسى، الطبعة الأولى، ١٤١١هـ-١٩٩١م، دار الأندلس للنشر والتوزيع - جدة.
نشر البنود على مراقي السعود، تأليف: عبدالله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي، بدون رقم الطبعة وتاريخ النشر، النشر بتعاون مشترك بين حكومة الإمارات العربية المتحدة، وحكومة المملكة المغربية.
النشر في القراءات العشر، الحافظ محمد بن محمد بن محمد بن الجزري، أشرف على تصحيحه: علي محمد الضباع، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

---