إلى الناس في هذه المجموعة المختلفة المؤتلفة الجامعة بين اللين والشدة، والخشونة والرقة والجهر والخفية، على وجه دقيق محكم، وضع كلا من الحروف وصفاتها المتقابلة في موضعه بميزان حتى تألف من المجموع قالب لفظي مدهش وقشرة سطحية أخاذة امتزجت فيها جزالة البداوة في غير خشونة، برقة الحضارة من غير ميوعة وتلاقت عندها أذواق القبائل العربية على اختلافها بكل يسر وسهولة، ولقد وصل هذا الجمال اللغوي إلى قمة الإعجاز، بحيث لو داخل في القرآن شيء من كلام الناس لاعتل مذاقه في أفواه قارئيه واختل نظامه في آذان سامعيه!
ومن عجيب أمر هذا الجمال اللغوي، وذاك النظام الصوتي، أنهما كما كانا دليل إعجاز من ناحية، كانا سورا منيعا لحفظ القرآن من ناحية أخرى، وذلك أن من شأن الجمال اللغوي والنظام