الحكم الثامن : هل يجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج؟
اختلف الفقهاء فيم أحرم بالحج قبل أشهر الحج هل يصح إحرامه؟ على أقوال :
الأول : روي عن ابن عباس أنه قال : من سُنّة الحج أن يحرم به في أشهر الحج.
الثاني : فذهب الشافعي أن من أحرم بالحج قبل أشهر الحج لم يجرُّه ذلك ويكون عمرة، كمن دخل في صلاة قبل وقتها فإنه لا تجزيه وتكون نافلة.
الثالث : مذهب أحمد بن حنبل أنه مكروه فقط ويجوز الإحرام قبل دخول أشهر الحج.
الرابع : مذهب أبي حنيفة جواز الإحرام في الحج في جميع السنة كلها وهو مشهور مذهب مالك، واستدلوا بقوله تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهلة قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج ﴾ [ البقرة : ١٨٩ ] وقالوا : كما صح الإحرام للعمرة في جميع السنة، كذلك يجوز للحج.
قال العلامة القرطبي :« وما ذهب إليه الشافعي أصح لأن هذه عامة وتلك الآية خاصة والخاص يقدم على العام » وقد مال إلى هذا المذهب الشوكاني ورجحه لأنه موافق لظاهر النص الكريم.
الحكم التاسع : ما هي محرمات الإحرام؟
حظر الشارع على المحرم أشياء كثيرة، منها ما ثبت بالكتاب، ومنها ما ثبت بالسنة، ونحن نذكرها بالإجمال فيما يلي :
أولاً : الجماع ودواعيه، كالتقبيل، واللمس بشهوة، والإفحاش بالكلام، والحديث مع المرأة الذي يتعلق بالوطء أو مقدماته.
ثانياً : اكتساب السيئات، واقتراف المعاصي، التي تخرج الإنسان عن طاعة الله تعالى.
ثالثاً : المخاصمة والمجادلة مع الرفقاء والخدم وغيرهم.
والأصل في تحريم هذه الأشياء قوله تعالى :﴿ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج ﴾ وهذه كلها بنص الآية الكريمة.
روى البخاري في « صحيحه » عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :« من حجّ فلم يرفث، ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ».
وقد ثبت بالسنة بعض المحرمات كالتطيب، ولبس المخيط، وتقليم الأظافر، وقص الشعر أو حلقه، وانتقاب المرأة، ولبسها القفازين.. إلى أخر ما هنالك من محرمات وهذه تعرف من كتب الفروع.
الحكم العاشر : ما هو حكم الوقوف بعرفة، ومتى يبتدئ وقته؟
أجمع العلماء على أن الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، لقوله ﷺ :« الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ».
ويرى جمهور العلماء أن وقت الوقوف يبتدئ من زوال اليوم التاسع، إلى طلوع فجر اليوم العاشر، وأنه يكفي الوقوف في أي جزء من هذا الوقت ليلاً أو نهاراً، إلا أنه إذا وقف بالنهار وجب عليه مد الوقوف إلى ما بعد الغروب، أما إذا وقف بالليل فلا يجب عليه شيء.
وقد روي عن الإمام ( مالك ) رحمه الله أنه إذا أفاض قبل غروب الشمس لم يصح حجه وعليه حج قابل، قال القرطبي :« واختلف الجمهور فيمن أفاض قبل غروب الشمس ولم يرجع ماذا عليه؟
فقال ( الشافعي وأحمد وأبو حنيفة ) عليه دم، وقال ( مالك ) عليه حج قابل، والهدي ينحره في حج قابل وهو كمن فاته الحج ».