الترجيح :
والحق ما ذهب إليه الجمهور لأن النكاح يقصد منه الدوام والاستمرار، والتأقيت يبطله فإذا تزوجها بقصد التحليل، أو اشترط الزوج عيه أن يطلّقها بعد الدخول فقد فسد النكاح لأنه يشبه ( نكاح المتعة ) حينئذٍ، وهو باطل باتفاق العلماء.
قال العلامة ابن كثير رحمه الله :« والمقصود من الزوج الثاني أن يكون راغباً في المرأة، قاصداً لدوام عشرتها، كما هو المشروع من التزويج، واشترط الإمام مالك مع ذلك أن يطأها الثاني وطأ مباحاً، لو وطئها وهي محرمة، أو صائمة، أو معتكفة، لم تحلّ للأول بهذا الوطء، واشترط الحسن البصري الإنزال وكأنه فهمه من قوله عليه السلام » حتى تذوقي عُسيلته ويذوق عُسيلتك «.
ثم قال : فأما إذا كان الثاني إنما قصده أن يحلها للأول فهذا هو ( المحلّل ) الذي وردت الأحاديث بذمة ولعنه، ومتى صرّح بمقصود، في العقد بطل النكاح عند جمهور الأئمة... ثم ساق الأحاديث الواردة في ذلك في » تفسيره « وقد أشرنا إلى بعضها فيما ذكرناه ».
« كلام السيد رشيد رضا في » المنار « »
وقال في « تفسير المنار » :« ألا فليعلم كل مسلم أن الآية صريحة في أن النكاح الذي تحل به المطلقة ثلاثاً هو ما كان زوجاً صحيحاً عن رغبة، وقد حصل به مقصود النكاح لذاته، فمن تزوجها بقصد الإحلال كان زواجه ( صورياً ) غير صحيح، ولا تحل به المرأة للأول، بل هو معصية لعن الشارع فاعلها، فإن عادت إليه كانت حراماً، ومثال ذلك من طهّر الدم بالبول، وهو رجسٌ على رجس، ونكاحُ التحليل شرٌّ من نكاح المتعة وأشد فساداً وعاراً... ثم نقل ما أورده ابن حجر المكي في كتابه » الزواجر « من الأخبار والآثار الدالة على التحريم ثم قال :
وأنت ترى مع هذا أن رذيلة التحليل قد فشت في الأشرار، الذين جعلوا رخصة الطلاق عادة ومثابة، فصار الإسلام نفسه يعاب بهم وما عيبة سواهم، وقد رأيت في لبنان رجلاً نصرانياً ولع بشراء الكتب الإسلامية، فاهتدى إلى حقيقة الإسلام مع الميل إلى التصوف فأسلم، وقال لي : لم أجد في الإسلام غير ثلاثة عيوب لا يمكن أن تكون من الله، أقبحُها مسألة ( التجحيش ) أي التحليل فبينت له الحق فيها فاقتنع ».
أقول : إنَّ في التحليل مفاسد كثيرة نبّه عليها العلماء، وقد عقد العلامة ( ابن القيم ) في كتابة « أعلام الموقعين » فصولاً في بيانها، وقد طعن قوم في الشريعة الإسلامية لأنها أجازته، وقد علمت الرأي الصحيح في الموضوع عن النبي ﷺ وعن الصحابة والتابعين فالصواب ألا ينسب إليها حله والله المستعان.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة
١ - وجوب العدة على المطلقة رجعية كانت أو بائنة للتعرف على براءة الرحم.