لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : أباح القرآن ( التعريض ) في خطبة المعتدة دون التصريح، ومن صور التعريض أن يقول : إنك لجميلة، أو صالحة، أو نافقة، أو يذكر الشخص مآثره أمامها.
روى ابن المبارك عن عبد الرحمن بن سليمان عن خالته ( سُكينة بنت حنظلة ) قالت :« دخل عليّ ( أبو جعفر ) محمد بن علي وأنا في عدتي، فقال : أنا من علمتِ قرابتي من رسول الله ﷺ وحقّ جدي عليّ، وقدمي في الإسلام، فقلت : غفر الله لك يا أبا جعفر، أتخطبني في عدتي، وأنتَ يؤخذ عنك؟ فقال : أو قد فعلتُ؟ إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله ﷺ وموضعي، دخل رسول الله ﷺ على أم سلمة حين توفي عنها زوجها ( أبو سلمة ) فلم يزل رسول الله ﷺ يذكر لها منزلته من الله، وهو متحامل على يده حتى أثَّر الحصير في يده فما كانت تلك خِطبة ».
اللطيفة الثانية : قال الزمخشري :« السرّ في الآية ﴿ لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً ﴾ وقع كناية عن النكاح الذي هو الوطء لأنه ممّا يُسر، قال الأعشى :
ثمّ عبر فيه عن النكاح الذي هو العقد، لأنه سبب فيه كما فعل بالنكاح.ولا تقربَنْ من جارةٍ إنّ سرّها عليك حرامٌ فانكحنْ أو تأبدا
اللطيفة الثالثة : ذكر العزم في الآية ﴿ وَلاَ تعزموا عُقْدَةَ النكاح ﴾ للمبالغة في النهي عن مباشرة النكاح في العدة، لأن العزم على الفعل يتقدمه، فإذا نهي عنه كان النهي عن الفعل أولى.
اللطيفة الرابعة : عبّر تعالى بالمساس عن الجماع، وهو من الكنايات اللطيفة التي استعملها القرآن الكريم.
قال أبو مسلم :» وإنما كنّى تعالى بقوله :﴿ تَمَسُّوهُنَّ ﴾ عن المجامعة، تأديباً للعباد في اختيار أحسن الألفاظ فيما يتخاطبون به «.
اللطيفة الخامسة : الخطاب في قوله تعالى :﴿ وَأَن تعفوا أَقْرَبُ للتقوى ﴾ وفي قوله :﴿ وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل بَيْنَكُمْ ﴾ للرجال والنساء جميعاً ورد بطريق التغليب.
قال الفخر :» إذا اجتمع الرجال والنساء في الخطاب كانت الغلبة للذكور، لأن الذكورة أصل، والتأنيث فرع، ألا ترى أنك تقول : قائم ثم تريد التأنيث فتقول : قائمة «.
اللطيفة السادسة : الحكمة في إيجاد المتعة للمطلقة جبر إيحاش الطلاق، والتخفيف عن نفسها بالمواساة بالمال.
قال ابن عباس : إن كان موسراً متّعها بخادم، وإن كان معسراً متعها بثلاثة أثواب.
اللطيفة السابعة : روي أن ( الحسن بن علي ) متّع بعشرة آلاف فقالت المرأة :
متاعٌ قليلٌ من حبيب مفارق... وسبب طلاقه إيّاها ما روي أنّ ( عائشة الخثعمية ) كانت عند الحسن بن علي بن أبي طالب، فلمّا أصيب عليّ وبويع الحسن بالخلافة قالت : لتَهْنكَ الخلافة يا أمير المؤمنين! فقال : يُقتل عليّ وتظهرين الشماتة؟ إذهبي فأنت طالق ثلاثاً، فتلفعت بجلبابها، وقعدت حتى انقضت عدتها، فبعث إليها بعشرة آلاف متعة، وبقية ما بقي لها من صداقها فقالت :