فبلغ ذلك عمر فقال : يا أيها الناس ردّوا الجهالات إلى السنة «.
الحكم الثالث : ما هو حكم المطلقة قبل الدخول؟
وضحّت الآيات الكريمة أحكام المطلقات، وذكرت أنواعهنّ وهنّ كالتالي :
أولاً : مطّلقة مدخول لها، مسمّى لها المهر.
ثانياً : مطلّقة غير مدخول بها، ولا مسمّى لها المهر.
ثالثاً : مطلّقة غير مدخول بها، وقد فرض لها المهر.
رابعاً : مطلّقة مدخول بها، وغير مفروض لها المهر.
فالأولى ذكر الله تعالى حكمها قبل هذه الآية، عدّتُها ثلاثة قروء، ولا يُسترد منها شيء من المهر ﴿ والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قرواء ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] ﴿ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ﴾ [ البقرة : ٢٢٩ ].
والثانية : ذكر الله تعالى حكمها في هذه الآية، ليس لها مهرٌ، ولها المتعة بالمعروف لقوله تعالى :﴿ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النسآء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ... ﴾ [ البقرة : ٢٣٦ ] الآية كما أن هذه ليس عليها عدة باتفاق لقوله تالى في سورة الأحزاب [ ٤٩ ] ﴿ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ﴾ > والثالثة : ذكرها الله تعالى بعد هذه الآية، لها نصف المهر ولا عدة عليها أيضاً لقوله تعالى :﴿ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ﴾.
والرابعة : ذكرها الله تعالى في سورة النساء [ ٢٤ ] بقوله :﴿ فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ [ النساء : ٢٤ ] فهذه يجب لها مهر المثل. قال الرازي ويدل عليه أيضاً القياس الجلي، فإن الأمة مجمعة على أن الموطوءة بشبهة لها مهر المثل، فالموطوءة بنكاح صحيح أولى بهذه الحكم.
الحكم الرابع : هل المتعة واجبة لكل مطلّقة؟
دل قوله تعالى :﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدَرُهُ ﴾ على وجوب المتعة للمطلّقة قبل المسيس وقبل الفرض، وقد اختلف الفقهاء هل المتعة واجبة لكل مطلقة؟
فذهب ( الحسن البصري ) إلى أنها واجبة لكل واجبة لكل مطلّقة للعموم في قوله تعالى :﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بالمعروف حَقّاً عَلَى المتقين ﴾ [ البقرة : ٢٤١ ].
وقال مالك : إنها مستحبة للجميع وليست واجبة لقوله تعالى :﴿ حَقّاً عَلَى المتقين ﴾ [ البقرة : ٢٤١ ] و ﴿ حَقّاً عَلَى المحسنين ﴾ ولو كانت واجبة لأطلقها على الخلق أجمعين.
وذهب الجمهور ( الحنفية والشافعية والحنابلة ) إلى أنها واجبة للمطلّقة التي لم يفرض لها مهر، وأمّا التي فرض لها مهر فتكون المتعة لها مستحبة وهذا مروي عن ( ابن عمر ) و ( ابن عباس ) و ( علي ) وغيرهم، ولعله يكون الأرجح جمعاً بين الأدلة والله أعلم.
الحكم الخامس : ما معنى المتعة وما هو مقدارها؟
المتعة : ما يدفعه الزوج من مال أو كسوة أو متاع لزوجته المطلّقة، عوناً لها وإكراماً، ودفعاً لوحشة الطلاق الذي وقع عليها، وتقديرُها مفوض إلى الاجتهاد.
قال مالك : ليس للمتعة عندنا حد معروف في قليلها ولا كثيرها.


الصفحة التالية
Icon