« لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب » وقد روي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وأُبِيّ بن كعب، وأبي أيوب الأنصاري، وعبادة بن الصامت، وأبي سعيد الخدري أنهم قالوا :« لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » فهؤلاء الصحابة القُدرة، وفيهم الأسوة، كُلّهم يوحبون الفاتحة في كل ركعة.
قال الإمام الفخر :« إنه عليه السلام واظب طول عمره على قراءة الفاتحة في الصلاة، فوجب أن يجب علينا ذلك لقوله تعالى :﴿ واتبعوه لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٥٨ ] ويا لَلْعجب من أبي حنيفة فإنه تمسّك في وجوب ( مسح الناصية ) بخبر واحد وذلك ما رواه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه أتى سُباطة قوم فبال وتوضأ، ومسح على ناصيته وخفيه، في ( أنه عليه السلام مسح على الناصية ) فجعل ذلك القدر من المسح شرطاً لصحة الصلاة!! وهاهنا نقل أهلُ العلم نقلاً متواتراً أنه عليه السلام واظب طول عمره على قراءة الفاتحة، ثمّ قال : إن صحة الصلاة غير موقوفة عليها، وهذا من العجائب! ».
الحكم الرابع : هل يقرأ المأموم خلف الإمام؟
اتفق العلماء على أن المأموم إذا أدرك الإمام راكعاً فإنه يحمل عنه القراءة، لإجماعهم على سقوط القراءة عنه بركوع الإمام، وأمّا إذا أدركه قائماً فهل يقرأ خلفه أم تكفيه قراءة الإمام؟ اختلف العلماء في ذلك على أقوال :
أ - فذهب الشافعي وأحمد : إلى وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام سواء كانت الصلاة سرّية أم جهرية.
ب - وذهب مالك إلى أن الصلاة إذا كانت سرّية قرأ خلف الإمام، ولا يقرأ في الجهرية.
ج - وذهب أبو حنيفة : إلى أنه لا يقرأ خلف الإمام لا في السرية ولا في الجهرية.
استدل الشافعية والحنابلة بالحديث المتقدم وهو قوله ﷺ :« لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ».
فإن اللفظ عام يشمل الإمام والمأموم، سواء كانت الصلاة سرية جهرية، فمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب لم تصحّ صلاته.
واستدل الإمام مالك : على قراءة الفاتحة إذا كانت الصلاة سرّية بالحديث المذكور، ومنع من القراءة خلف الإمام إذا كانت الصلاة جهرية لقوله تعالى :﴿ وَإِذَا قُرِىءَ القرآن فاستمعوا لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [ الأعراف : ٢٠٤ ].
وقد نقل القرطبي : عن الإمام مالك أنه لا يقرأ في الجهرية بشيء من القرآن خلف الإمام، وأمّا في السرّية فيقرأ بفاتحة الكتاب، فإن ترك قراءتها فقد أساء ولا شيء عليه.
وأمّا الإمام أبو حنيفة : فقد منع من القراءة خلف الإمام مطلقاً عملاً بالآية الكريمة ﴿ وَإِذَا قُرِىءَ القرآن فاستمعوا ﴾ [ الأعراف : ٢٠٤ ] ولحديث « من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ».
واستدل أيضاً بما روي عن النبي ﷺ أنه قال :


الصفحة التالية
Icon