﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً... ﴾ [ آل عمران : ١١٨ ].
٥ - وقال تعالى :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ].
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : ما هو حكم الاستعانة بالكفار في الحرب؟
اختلف الفقهاء في جواز الاستعانة بالكفار في الحرب على مذهبين :
١ - مذهب المالكية : أنه لا يجوز الاستعانة بالكفار في الغزو أخذاً بظاهر الآية الكريمة واستدلوا بما ورد في قصة ( عبادة بن الصامت ) كما وضّحها سبب النزول. واستدلوا كذلك بما روته عائشة رضي الله عنها أن رجلاً من المشركين كان ذا جرأة ونجدة جاء إلى النبي ﷺ يوم بدر يستأذنه في أن يحارب معه فقال ﷺ له :« ارجع فلن استعين بمشرك ».
ب - مذهب الجمهور ( الشافعية والحنابلة والأحناف ) : قالوا يجوز الاستعانة بالكفار في الحرب بشرطين : أولاً : الحاجة إليهم. وثانياً : الوثوق من جهتهم، واستدلوا على مذهبهم بفعل النبي ﷺ فقد استعان بيهود فينقاع وقَسمَ لهم، واستعان بصفوان بن أمية في هوازن، فدَلّ ذلك على الجواز، وقالوا في الردّ على أدلة المالكية إنها منسوخة بفعله ﷺ وعمله، وقال بعضهم : إن ما ذكره المالكية يحمل على عدم الحاجة أو عدم الوثوق حيث أن النبي ﷺ لم يثق من جهته، وبذلك يحصل الجمع بين أدلة المنع وأدلة الجواز.
الحكم الثاني : ما معنى التقية وما هو حكمها؟
قال ابن عباس : التقية أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا يقتل ولا يأتي مأثماً. وعرّف بعضهم التقيّة بأنها المحافظة على النفس والمال من شرّ الأعداء فيتقيهم الإنسان بإظهار الموالاة من غير اعتقادٍ لها.
قال « الجصاص » في « أحكام القرآن » :« وقد اقتضت الآية جواز اظهار الكفر عند التقية وهو نظير قوله تعالى :﴿ مَن كَفَرَ بالله مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان ﴾ [ النحل : ١٠٦ ] وإعطاء التقية في مثل ذلك إنما هو رخصة من الله تعالى وليس بواجب، بل ترك التقيّة أفضل. قال أصحابنا فيمن أكره على الكفر فلم يفعل حتى قُتل إنه أفضل ممن أظهر، وقد أخذ المشركون ( خُبَيْب بن عدي ) فلم يعط التقية حتى قتل فكان عند المسلمين أفضل من ( عمار بن ياسر ) حين أعطى التقية وأظهر الكفر، فسأل النبي ﷺ عن ذلك، فقال كيف وجدت قلبك؟ قال : مطئمناً بالإيمان، فقال ﷺ » وإن عادوا فعد... «. وكان ذلك على وجه الترخيص.
»
قصة مسيلمة الكذاب مع بعض الصحابة «
روي أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب النبي ﷺ فقال لأحدهما أتشهد أنّ محمداً رسول الله؟ قال : نعم، قال : أتشهد أني رسول الله؟ قال : نعم، فترك سبيله، ثم دعا بالآخر، وقال : أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال : نعم، قال أتشهد أني رسول الله؟ قال : إني أصم، قالها ثلاثاً، فضرب عنقه، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال :»
أمّا هذا المقتول فمضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضيلة فهنيئاً له، وأما الآخر فقبل رخصة الله فلا تبعة عليه «.


الصفحة التالية
Icon