فيه الرماح وفيه كل سابغة | جدلاء محكمة من نسج سلاّم |
﴿ السحر ﴾ : في اللغة : كلّ ما لطف مأخذه ودقّ، قال الأزهري : وأصل السّحر صرفُ الشيء عن حقيقته إلى غيره، فكأنّ الساحر لمّا أرى الباطل في سورة الحقّ، وخيّل الشيء على غير حقيقته، قد سحر الشيء عن وجهه اي صرفه.
وقال الجوهري : والسّحر : الأُخْذةُ، وكلّ ما لُطف مأخذه، ودقّ فهو سحرٌ وسَحَره أيضاً بمعنى خدعه.
وقال القرطبي : السّحر أصلُه التمويهُ بالحيل، وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني، فيُخيّل للمسحور أنها بخلاف ما هي به، كالذي يرى السّراب من بعيد فيخيّل إليه أنه ماء، وهو مشتق من سحرتُ الصبي إذا خدعته، قال لبيد :
فإنْ تسألينا فيمَ نحن فإنّنا | عصافيرُ من هذا الأنام المسحّر |
أُرانا مُوضعين لأمر غيبٍ | ونُسحَرُ بالطعام وبالشراب |
عصافيرٌ وذبّانٌ ودودٌ | وأجراً من مجلّحة الذئاب |
﴿ فِتْنَةٌ ﴾ : الفتنةُ الاختبار والابتلاء، ومنه قولهم : فتنتُ الذهب في النار، إذا امتحنته لتعرف جودته من رداءته.
قال الأزهري : جِماعُ معنى الفتنة : الابتلاء والامتحان، والاختبار، قال تعالى :﴿ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [ الأنفال : ٢٨ ] وقال تعالى ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ٣ ] أي اختبرنا وابتلينا.
قال الجصّاص : الفتنةُ : ما يظهر به حال الشيء في الخير والشر، تقول العرب : فتنتُ الذهب إذا عرضته على النار لتعرف سلامته أو غشّه، والاختبار كذلك أيضاً لأن الحال تظهر فتصير كالمخبرة عن حالها.
﴿ فَلاَ تَكْفُرْ ﴾ : أي بتعلم السّحر واستعماله، وفي الآية إشارة إلى أنّ تعلم السّحر كفرٌ.
قال الزمخشري :﴿ فَلاَ تَكْفُرْ ﴾ أي فلا تتعلم السّحر معتقداً أنه حق فتكفر.
﴿ بِإِذْنِ الله ﴾ : أي بإرادته ومشيئته، وفيه دليل على أن في السحر ضرراً مودعاً، إذا شاء الله تعالى حال بينه وبين المسحور، وإذا شاء خلاّه حتى يصيبه ما قدّره الله تعالى له، وهذا مذهب السلف في الأسباب والمسببات.
﴿ لَمَنِ اشتراه ﴾ : قال الألوسي : أي استبدل ما تتلو الشياطين بكتاب الله، واللام للابتداء وتدخل على المبتدأ وعلى المضارع، ودخولها على الماضي مع ( قد ) كثير، كقوله تعالى :﴿ لَّقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الذين قالوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ ﴾ [ آل عمران : ١٨١ ].
﴿ خلاق ﴾ : الخلاقُ في اللغة بمعنى النصيب قال تعالى :﴿ أولئك لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخرة ﴾ [ آل عمران : ٧٧ ] ويأتي بمعنى القدر قال الشاعر :
فما لكَ بيتٌ لدى الشامخات | وما لك في غالب من خلاق |