الحكم الخامس : كم هو مقدار الدية في العمد والخطأ؟
اتفق العلماء على أن الدية في الخطأ تجب على العاقلة، وهي مائة من الإبل تؤخذ نجوماً على ثلاث سنين وتجب أخماساً لما رواه ابن مسعود قال : قضى رسول الله ﷺ في دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين بني مخاض ذكوراً، وعشرين بنت لبون، وعشرين جذعة، وعشرين حقة «.
وأما دية شبه العمد فهي مثلّثة ( أربعون خلفة، وثلاثون حقة، وثلاثون جذعة ) وتجب على العاقلة أيضاً، وأما دية العمد فما اصطلح عليه عند أبي حنيفة ومالك على المشهور في قوله، وأما عند الشافعي فكدية شبه العمد، وتجب على مال القاتل.
قال القرطبي :»
أجمع العلماء على أن العاقلة لا تحمل دية العمد، وأنها في مال الجاني «.
وقال ابن الجوزي :»
والدية للنفس ستة أبدال : من الذهب ألف دينار، ومن الورق ( الفضة ) اثنا عشر ألف درهم، ومن الإبل مائة، ومن البقر مائتا بقرة، ومن الغنم ألفا شاة، وفي الحلل مائتا حلة، فهذه دية الذكر الحر المسلم، ودية الحرة المسلمة على النصف من ذلك «.
وهذا قول جمهور الفقهاء ووافقهم أبو حنيفة في ذلك إلا أنه قال في الفضة عشر آلاف درهم لا تزيد.
الحكم السادس : هل للقاتل عمداً توبة؟
ذهب بعض العلماء إلى أن قاتل المؤمن عمداً لا توبة له وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما.
روى البخاري عن سعيد بن جبير قال :»
اختلف فيها أهل الكوفة، فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها فقالت : نزلت هذه الآية ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ ﴾ هي آخر ما نزل وما نسخها شيء «.
وروى النسائي عنه قال :»
سألت ابن عباس هل لمن قتل مؤمناً متعمداً من توبة؟ قال : لا، وقرأت عليه الآية التي في [ الفرقان : ٦٨ ] ﴿ والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ ﴾ قال : هذه آية مكية نسختها آية مدنية ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خالدا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ ﴾.
وروى ابن جرير بسنده عن ( سالم بن أبي الجعد ) قال : كنا عند ابن عباس بعد ما كُفّ بصره، فأتاه رجل فناداه : يا عبد الله بن عباس، ما ترى في رجل قتل مؤمناً متعمداً؟ فقال جزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه، وأعدّ له عذاباً عظيماً. قال : أفرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى؟ قال ابن عباس : ثكلته أمه وأنى له التوبة والهدى؟ فوالذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم ﷺ يقول :


الصفحة التالية
Icon