[ ٢ ] أحكام الوضوء والتيمم
التحليل اللفظي
﴿ وَطَعَامُ ﴾ : الطعام اسمٌ لما يؤكل وهو هنا خاص بالذبائح، يعني ذبيحة اليهودي والنصراني حلال لنا، كما أن ذبيحتنا حلال لهم.
﴿ والمحصنات ﴾ : العفائف من النساء قال الشعبي : أن تحصن فرجها فلا تزني، وقد تقدم.
﴿ متخذي أَخْدَانٍ ﴾ : جمع خِدْن بمعنى صديق، والخدْن يعق على الذكر والأنثى كذا قال صاحب « الكشاف ». وقد كان الرجل في الجاهلية يتخذ صديقة فيزني بها، والمرأة تتخذ صديقاً فيزني بها فحرم الإسلام ذلك.
﴿ يَكْفُرْ بالإيمان ﴾ : أي يجحد بشرائع الإسلام ومن ضمنها أحكام الحلال والحرام.
﴿ حَبِطَ عَمَلُهُ ﴾ : بطل ثوابه لأن الكفر يذهب ثواب العمل الصالح ﴿ وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾ [ الفرقان : ٢٣ ].
﴿ إِذَا قُمْتُمْ ﴾ : قال الزجاج : المعنى إذا أردتم القيام إلى الصلاة كقوله ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله ﴾ [ النحل : ٩٨ ]. فليس المراد القيام فعلاً وإنما المراد إرادة الفعل، كما تقول : إذا ضربت فاتق الوجه أي إذا أردت الضرب.
﴿ فاغسلوا ﴾ : الغَسْل بالفتح إسالة الماء على الشيء لإزالة ما عليه من وسخ وغيره.
﴿ وُجُوهَكُمْ ﴾ : لفظ الوجه مأخوذ من المواجهة، وحدّه من أعلى الجبهة إلى أسفل الذقن طولاً، ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضاً.
﴿ إِلَى الكعبين ﴾ : الكعبان : العظمان الناتئان من جانبي القدم، وسمّي كعباً لعلوه وارتفاعه.
﴿ مِّنْ حَرَجٍ ﴾ : أي من ضيق في الدين، فقد وسّع الله على المؤمنين حين رخّص لهم في التيمم.
المعنى الإجمالي
يقول الله جل ثناؤه ما معناه : أحل لكم أيها المؤمنون المستطاب من الأطعمة ما كان منها حلالاً، وذبائح أهل الكتاب حلال لكم وذبائحكم حلال لهم، والعفائف من المؤمنات والعفائف الحوائر من نساء أهل الكتاب حلال لكم نكاحهن، إذا دفعتم إليهن مهورهن، محصنين أنفسكم بالزواج، غير زانين ولا متخذين عشيقات وصديقات، تزنون بهن في السرّ، ومن يرتد عن الإسلام فقد ذهب وبطل ثوابه، وهو في الآخرة من الخاسرين.
ثمّ بيّن الله تعالى أحكام الوضوء والتيمم فقال : إذا أردتم أيها المؤمنون القيام إلى الصلاة، وأنتم محدثون، فاغسلوا بالماء الطاهر وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا رؤوسكم، واغسلوا أقدامكم إلى الكعبين، وإذا كنتم محدثين حدثاً أكبر فاغتسلوا بالماء، وإن كنتم في حالة المرض أو السفر أو محدثين حدثاً أصغر، أو غشيتم النساء ولم تجدوا ماءً تتوضؤون به أو تغتسلون، فتيمّموا بالتراب الطاهر، فامسحوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق بذلك التراب، ما يريد الله أن يضيّق عليكم في أحكام الدين، ولكنه تعالى يريد أن يطهركم من الذنوب والآثام، ومن الأقذار والنجاسات، ويتم نعمته عليكم ببيان شرائع الإسلام لتشكروه على نعمه، وتحمدوه على آلائه.
وجوه القراءات
١ - قرأ الجمهور ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين ﴾ بفتح اللام، وقرأ حمزة وأبو عمرو ( وأرجُلِكُمْ ) بالكسر، فقراءة النصب بالعطف على الوجوه والأيدي أي فاغسلوا وجوهكم وأيديَكم وأرجلَكم، وقراءة الجر للمجاورة، قال ابن الأنباري : لمّا تأخرت الأرجل بعد الرؤوس نسقت عليها للقرب والجوار.


الصفحة التالية
Icon