وقال مالك والشافعي : لا قطع إلا في ربع دينار، أو ثلاثة دراهم.
حجة الحنفية : أ - ما روي عن النبي ﷺ أنه قال :« لا قطع فيما دون عشرة دراهم ».
ب - ما نقل عن ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، وعطاء أنهم قالوا : لا قطع إلا في عشرة دراهم.
حجة المالكية والشافعية : أ - ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :« كان النبي ﷺ يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً »
ب - ما روي عن ابن عمر أن النبي ﷺ قطع في مجنّ ثمنة ثلاثة دراهم.
ج - ما روي عن النبي ﷺ أنه قال :« لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً » وهذا القول منقول عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
قال فضيلة الشيخ السايس :« وإذا لوحظ أن الحدود تدرأ بالشبهات، وأن الاحتياط أمر لا يجوز الإغضاء عنه، وأن الحظر مقدّم على الإباحة، أمكن ترجيح ( مذهب الحنفية ) لأن المجنّ المسروق في عهده عليه السلام الذي قطعت فيه يد السارق، قدّره بعضهم بثلاثة دراهم، وبعضهم بأربعة، وبعضهم بخمسة، وبعضهم بربع دينار، وبعضهم بعشرة دراهم، والأخذ بالأكثر أرجح، لأن الأقل فيه شبهة عدم الجناية، والحدود تدرأ بالشبهات ولأن التقدير بالأقل يبيح الحد في أقل من العشرة، والتقدير بالعشرة يحظر الحد فيما هو أقل منها، والحاظر مقدم على المبيح.
وأما اعتبار الحرز فلقوله عليه السلام :»
لا قطع في ثَمَر معلق ولا في حريسة جبل، فإذا أواه المُرَاحُ أو الجرينُ فالقطع فيما بلغ ثمن المجن «.
والحرز هو ما نصب عادةً لحفظ أموال الناس كالدور والخيم والفسطاط، التي يسكنها الناس ويحفظون أمتعتهم بها، وقد يكون الحرز بالحافظ الذي يجلس ليحفظ متاعه، فإذا كان الحافظ قطع لما روي عن ( صفوان بن أمية ) أنه قال : كنت نائماً في المسجد على خميصة ( عباءة أو ما أشبهها ) لي ثمن ثلاثين درهماً، فجاء رجلٌ فاختلسها مني، فأخذت الرجل فأتيت به النبي ﷺ فأمر به ليقطع، فقلت : اتقطعه من أجل ثلاثين درهماً؟ أنا أبيعه وأُنْسئه ثمنها، قال : فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به »
؟
وأما اعتبار عدم الشبهة فلما روي عن النبي ﷺ أنه قال :« أدرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم » وقد اشتهر هذا فأصبح كالمعلوم بالضرورة، فلا يقطع العبد إذا سرق من مال سيده، ولا الأب من مال ابنه، ولا الشريك من شريكه، ولا الدائن من مدينة لوجود الشبهة.
الحكم الخامس : من أين تقطع يد السارق؟
دل قوله تعالى :﴿ فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ على وجوب قطع اليد في السرقة، وقد أجمع الفقهاء على أن اليد التي تقطع هي ( اليمنى ) لقراءة ابن مسعود ( فاقطعوا أيمانهما ).


الصفحة التالية
Icon