والعجيب أن هؤلاء الغربيين الذين يرون في الحدود الإسلامية شدة وقسوة لا تليق بعصرنا المتحضّر، والذين يدعون إلى إلغاء عقوبة ( القتل والزنى وقطع يد السارق ) إلخ هم أنفسهم يفعلون ما تشيب له الرؤوس، وتنخلع لهوله الأفئدة، فالحروب الهمجية التي يثيرونها، والأعمال الوحشية التي يقومون بها من قتل الأبرياء، والاعتداء على الأطفال والنساء، وتهديم المنازل على من فيها، لا تعتبر في نظرهم وحشية، ولقد أحسن الشاعر حين صور منطق هؤلاء الغربيين بقوله :
قتلُ امرىءٍ في غابةٍ... جريمةٌ لا تغتفر
وقتلُ شعبٍ آمنٍ... مسألة فيها نظر
نعم إن الإسلام شرع عقوبة قطع يد السارق، وهي عقوبة صارمة ولكنه أمّن الناس على أموالهم وأرواحهم، وهذه اليد الخائنة التي قطعت إنما هي عضو أشل تأصل فيها الداء والمرض، وليس من المصلحة أن نتركها حتى يسري المرض إلى جميع الجسد، ولكنّ الرحمة أن نبترها ليسلم سائر البدن، ويدٌ واحدة تقطع كفيلة بردع المجرمين، وكف عدوانهم وتأمين الأمن والاستقرار للمجتمع، فأين تشريع هؤلاء من تشريع الحكيم العليم، الذي صان به النفوس والأموال والأرواح!!


الصفحة التالية
Icon