ب - وقال آخرون : المراد به جميع المساجد، لأنه جمع مضاف فيعم، ويدخل فيه المسجد الحرام دخولاً أوّلياً، كما إذا قلنا : فلان لا يقرأ كتب الله، يدخل فيه القرآن بطريق أوكد.
أقول : هذا هو الظاهر من الآية الكريمة، لأن الصيغة تفيد عموم الحكم، فلا يليق بالمشركين أن يعمروا أي مسجد من مساجد الله بأنواع العمارة، لأن الكفر ينافي ذلك، كما لا يصح لهم دخول هذه الأماكن الطاهرة المقدسة، كما قال الإمام مالك رحمه الله، وسيأتي حكم دخول المشركين للمساجد في الآيات التالية.
الحكم الثالث : هل يجوز استخدام الكافر في بناء المساجد؟
أخذ بعض العلماء من الآية الكريمة أنه لا يجوز أن يستخدم المسلم الكافر في بناء المسجد، لأنه من العمارة الحسيّة، وقد نهى تعالى عن تمكين المشركين من عمارة بيوت الله.
والظاهر جواز استخدامه لأن الممنوع منها إنما هو ( الولاية ) عليها، والاستقلال بتصريف شؤونها، كأن يكون ناظر المسجد، أو المتصرف بالوقف كافراً، وأما استخدام الكافر في عمل لا ولاية فيه، كنحت الحجارة والبناء والنجارة، فلا يظهر دخوله في المنع، وهذا قول جمهور الفقهاء.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة
١ - أعمال البر الصادرة من المشركين لا ثواب فيها بسبب الكفر والإشراك لقوله تعالى :﴿ وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾ [ الفرقان : ٢٣ ].
٢ - عمارة المساجد جديرٌ بها أهل الإيمان الذين يعظّمون حرمات الله.
٣ - وجوب الإخلاص لله في القول والعمل.
٤ - ينبغي أن يكون الغرض من بناء المسجد رضوان الله لا الرياء والسمعة.


الصفحة التالية
Icon