﴿ وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا ﴾ [ الحشر : ٧ ] والرسولُ مبلغ عن الله عزَّ وجلَّ، وكلُّ ما جاء به إنما هو بوحي سماوي من العليم الحكيم ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى ﴾ [ النجم : ٣ - ٤ ]. وكيف يكون الرجم غير مشروع وقد رجم ﷺ ورجم معه أصحابه وبيّن ذلك بهدية وفعله!!.
ثم إن مهمة الرسول ﷺ قد بينها القرآن بقوله تعالى :﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [ النحل : ٤٤ ] وليس قول الرسول « خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً.. وفيه : والثيب بالثيب جلد مائة والرجم » ليس هذا القول إلا من البيان الذي أشار إليه القرآن وهو نص قاطع على حكم الزاني المحصن وقد أشار ﷺ في الحديث الشريف بقوله :« ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه » إلى أن سنته المطهرة بوحي من الله فثبت أن كل ما جاء به الرسول هو تشريع من الله، وأنه واجب الاتّباع.
ثانياً : إن قوله تعالى :﴿ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بفاحشة فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات مِنَ العذاب ﴾ [ النساء : ٢٥ ] ليس فيها دليل على ما قاله الخوارج من عدم مشروعية الرجم، فإن الآية الكريمة قد أشارت إلى أن المراد بالعذاب هنا ( الجلد ) لا ( الرجم ) بدليل التنصيف في العقوبة والله تعالى يعلم أن الرجم لا ينصف ولا يمكن للناس أن يميتوا إنساناً نصف موتة فدل ( العقل ) و ( الفهم السليم ) على أن المراد بهذه العقوبة الجلد لا الرجم.
فتجلد الأمة المتزوجة خمسين جلدة، وتجلد الحرة البكر مائة جلدة. والسر في هذا التخفيف على ( الأمة ) دون الحرة أن الجريمة من الحرة أفظع وأشنع لكون الحرة في مأمن من الفتنة، وهي أبعد عن داعية الفاحشة والأمة ضعيفة عن مقاومتها، فرحم الله ضعفها وخفف العقاب عنها.
ثالثاً : وأما دعواهم أن الحكم عام، وتخصيصه مخالف للقرآن فجهلٌ مطبق ألا ترى أن كثيراً من الأحكام جاءت عامة وخصصتها السنة النبوية!! مثل : قوله تعالى ﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [ المائدة : ٣٨ ] فإن هذا اللفظ عام يشمل كل سارق حتى ولو كانت سرقته لشيء حقير ( وتافه ) وعلى دعواهم ينبغي أن نقطع يد من سرق فلساً أو يإبرة، مع أن السنة النبوية قد خصصت هذا الحكم وقيدته بربع دينار أو ما قيمته عشرة دراهم، وكذلك قوله تعالى :﴿ وأمهاتكم الاتي أَرْضَعْنَكُمْ وأخواتكم مِّنَ الرضاعة ﴾ [ النساء : ٢٣ ] لم تنص الآية إلا على حرمة الأم والأخت من الرضاعة، مع أن الرسول ﷺ بيّن أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فيجب أن تكون حرمة ( البنت من الرضاعة ) مخالفة للقرآن بموجب دعواهم. والقرآن نهى عن ( الجمع بين الأختين ) فمن قال بحرمة الجمع بين العمة وبنت أخيها، أو الخالة وبنت أختها يجب أن نحكم عليه بمخالفة القرآن.