ب- حديث عبادة بن الصامت ( الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ) وقد تقدم.
ج- ما روي عن ( علي ) كرم الله وجهه حين جلد ( شراحة ) ثم رجمها من قوله : جلدتها بكتاب الله تعالى ورجمتها بسنة رسول الله ﷺ.
أدلة الجمهور :
واستدل الجمهور على عدم الجمع بين الجلد والرجم ببضعة أدلة نلخصها فيما يلي :
أولاً : ما روي في « الصحيحين » : أن أعرابياً أتى النبي ﷺ فقال يا رسول الله : أنشدك بالله إلا قضيت لي بكتاب الله تعالى، فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه - نعم فاقض بيننا بكتاب الله تعالى وائذن لي، فقال رسول الله ﷺ قل : فقال : إنّ ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة، ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنّ على ابني ( جلد مائة وتغريب عام ) وأن على امرأة هذا الرجم..
فقال ﷺ :« والذي نفسي بيده لأقضينَّ بينكما بكتاب الله، الوليدةُ والغنمُ ردٌّ عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أُنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها ».
فغدا عليها فاعترفت فأمر بها النبي ﷺ فرجمت.
قالوا فأمره برجمها ولم يقل له اجلدها ثم ارجمها.
ثانياً : واستدلوا بفعل النبي ﷺ فقد تكرر الرجم في زمانه، فرجم ( ماعزاً ) و ( الغامدية ) ورجم أصحابه معه ولم يَروِ أحدٌ أنه جمع بينه وبين الجلد، فقطعنا بأنّ حد المحصن لم يكن إلا ( الرجم ) لا غير.
ثالثاً : واستدلوا بالمعقول أيضاً فقالوا : إن الغرض من الجلد الزجرُ والتأديبُ، فإذا حكمنا عليه بالرجم فلا يبقى ثمة داع إلى الجلد، لأن الجلد يَعرى عن المقصود الذي شرع الحد له وهو الانزجار، لأن هذا الشخص سيرجم حتى الموت فلا ينفع الجلد مع وجود الرجم. ومثله إذا وجب الغسل على إنسان يدخل معه الوضوء.
وأجابوا عن أدلة الظاهرية بأن حديث ( عبادة بن الصامت ) منسوخ بقول النبي ﷺ وفعله حيث رجم ولم يجلد، فوجب أن يكون الخبر السابق منسوخاً... وأما استدلالهم بالعموم في الآية الكريمة فغير مسلّم لأن الآية كما يقول الجمهور خاصة ب ( البكرين ) وليست عامة بدليل خروج العبيد والإماء منها حيث أن حد العبد خمسون جلدة لا مائة جلدة وهذا يدفع العموم.
وأجابوا عن فعل علي كرم الله وجهه بشراحة حيث جلدها ثم رجمها بن هذا رأيٌ له لا يقاوم الثابت الصحيح عن رسول الله ﷺ من قوله وفعله، وكذلك لا يقاوم إجماع غيره من الصحابة، ويمكن حمله على أنه لم يثبت عنده الإحصان إلا بعد الجلد فأخبِرَ أولاً بأنها بكر فجلدها، ثم أُخبِرَ بأنها محصنة أي ( متزوجة ) فرجمها ويشبه هذا ما رواه جابر رضي الله عنه أن رجلاً زنى بامرأة، فأمر به النبي ﷺ فجلد الحَدّ ثم أُخبر أنه محصن فأمر به فرجم.


الصفحة التالية
Icon