٢- حديث علي كرم الله وجهه ( أقيموا الحدودَ على ما ملكتْ أيمانُكم مَنْ أُحْصِن أوْ لم يحْصن ).
٣- ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أقام حداً على بعض إمائه فجعل يضرب رجليها وساقيها، فقال له ولده ( سالم ) فأين قول الله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله ﴾ ؟ فقال يا بنيّ : أتراني أشفقت عليها إن الله تعالى لم يأمرني أن أقتلها.
قالوا : ولم يكن ابن عمر والياً ولا نائباً عن الوالي فدل على جواز إقامة الحد من جهة السيِّد.
حجة الأحناف :
١- واحتج الأحناف بظاهر الآية الكريمة ﴿ الزانية والزاني فاجلدوا ﴾ وقالوا : إن الآية عامة في كل زان وزانية وهو خطاب مع الأئمة دون سائر الناس، والآية لم نفرق بين الأحرار والعبيد، فوجب أن تكون إقامة الحد على الأحرار وعلى العبيد للأئمة دون الناس.
٢- وتأولوا الأحاديث التي استدل بها الجمهور بأن المراد بها أن يرفع الموالي أمر عبيدهم إلى الحكام ليجلدوهم ويقيموا عليهم الحد، ولا يسكتوا عنهم فيكون المراد من الحديث الشريف ( أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ) إي بلغوا أمرهم للحكام ولا تخفوا عنهم ذلك ليقيموا عليهم حدود الله.
٣- وقالوا : إن جلد ابن عمر بعض إمائه - إن صح - كان رأياً له لا يعارض العموم في الآية.
الترجيح : ولعل ما ذهب إليه الجمهور هو الأرجح سيما بعد أن وضَّحته السنة النبوية وتعزّز بفعل بعض الصحابة الأخيار، والله أعلم.
الحكم السابع : ما هي صفة الجلد وكيفيته؟
استدل العلماء من قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ ﴾ على أنه لا يجوز تخفيف العقوبة على الزاني بإسقاطها وإنقاص العدد، أو تخفيف الضرب، فإن العقوبة ما شعرت إلا للزجر والتأديب.
قال القرطبي : والضرب الذي يجب تنفيذه، هو أن يكون مؤلماً لا يجرح، ولا يبضع، ولا يخرج الضارب يده من تحت إبطه، وقد أتى عمر رضي الله عنه برجل في حد فقال : للضارب اضرب ولا يرى إبطك وأعط كل عضو حقه، وأتي بشارب فقال : لأبعثنك إلى رجلا لا تأخذه فيك هوادة، فبعثه إلى ( مطيع بن الأسود ) فقال : إذا أصبحت الغد فاضربه الحد، فجاء عمر رضي الله عنه وهو يضربه ضرباً شديداً فقال : قتلتَ الرجل كم ضربته؟ فقال : ستين فقال : اقصَّ عنه بعشرين. يريد بذلك أن يجعل شدة الضرب الذي ضربه قصاصاً بالعشرين التي بقيت ولا يضربه العشرين.
فينبغي أن يكون الضرب معتدلاً، لأن الغرض ( الإيلام ) لا سلخ الجلود وإزهاق الأرواح، وهذا كما مر في حديث ابن عمر حين جلد جاريته، واعترض عليه ولده فقال أين قول الله :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله ﴾ فقال يا بين ( ورأيتني أخذتني بها رأفة ) إن الله تعالى لم يأمرني أن اقتلها ولا أن أجعل جَلْدها في رأسها وقد أوجعت حيث ضربت.


الصفحة التالية
Icon