الحكم الثامن : ما هي الأعضاء التي تضرب في الحد؟
اتفق العلماء على أن الضرب في الحدود ينبغي أن يتقي به ( الوجه، والعورة، والمقاتل ) حتى حكى ابن عطية الإجماع على ذلك ولكن اختلفوا فيما عداها من الأعضاء.
قال ابن الجوزي في « زاد المسير » :( فأما ما يضرب من الأعضاء فنقل عن الإمام أحمد في حد الزاني أنه قال يجرّد من الثياب ويعطي كل عضو حقه، ولا يضرب وجهه ورأسه وروي عنه أيضاً : لا يضرب الرأس ولا الوجه ولا المذاكير وهو قول أبي حنيفة وقال مالك : لا يضرب إلا في الظهر. وقال الشافعي : يتقي الفرج والوجه ).
قال القرطبي : واختلفوا في ضرب الرأس، فقال الجمهور : يتقي الرأس وقال ( أبو يوسف ) يضرب الرأس وضرب عمر رضي الله عنه ( صبيغاً ) في رأسه وكان تعزيزاً لا حداً.
أما الوجه والعورة فمتفق على حرمة الضرب فيهما لقوله ﷺ :« إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه ».
وروي عن علي رضي الله عنه أنه أتى برجل سكران أو في حد، فقال : اضرب وأعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير... وإنما يتقي الفرج لأنه مقتل - وجاء في بعض الروايات - أنه قال :( إجْتَنِبْ رأسه ومذكيره وأعطِ كل عضو حقه ). وقد استدل الجمهور على حرمة ضرب الرأس بما روي عن علي في الحديث السابق، وفيه النص على اجتناب الرأس، وقالوا : إن الرأس بما روي عن علي في الحديث السابق، وفيه النص على اجتناب الرأس، وقالوا : إن الرأس كالوجه سمنع من ضربه وربما أثر الضربُ فيه على السمع والبصر وربما حدث بسبب الضرب خلل في العقل، واستدل الشافعي وأبو يوسف على جواز ضرب الرأس بما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه أتي برجدل انتفى من ابنه، فقال أبو بكر : اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس. وبما روي عن عمر رضي الله عنه أنه ضرب ( صبيغ بن عسيل ) على رأسه حين سأل عن ( الذاريات ذروا ) على وجه التعنت.
وأما مالك رحمه الله فمذهبه أن الحدود كلها يجب أن تكون في الظهر وحجته في ذلك عمل السلف الصالح وقوله عليه السلام : لهلال بن أمية حين قذف امرأته ( البينة أو حدّ في ظهرك ).
وينبغي أن يجرّد المجلود من الثياب ويضرب قائماً غير ممدود، إلا ( حد القذف ) فإنه يضرب وعليه ثيابه وينزع عنه الحشو والفرو، وأما المرأة فتترك عليها ثيابها وتضرب قاعدة ستراً عليها، والدلي ما روي في حديث رجم النبي ﷺ لليهوديين، وفيه يقول الراوي ( ورأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة ).


الصفحة التالية
Icon