وشدَّد في عقوبة القذف فجعلها قريبة من عقوبة الزنى ( ثمانين جلدة ) مع إسقاط الشهادة، والوصف بالفسق.
والعقوبة الأولى ( جسدية ) تنال البدن والجسد، والثانية ( أدبية ) تتعلق بالناحية المعنوية بإهدار كرامته وإسقاط اعتباره، فكأنه ليس بإنسان لأنه لا يوثق بكلامه ولا يقبل قوله عند الناس، والثالثة ( دينية ) حيث أنه فاسق خارج عن طاعة الله، وكفى بذلك عقوبة لذوي النفوس المريضة، والضمائر الميِّتة.
وقد اعتبر الإسلام ( قذف المحصنات ) من الكبائر الموجبة لسخط الله وعذابه، وأوعد المرتكبين لهذا المنكر بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة فقال جل ثناؤه :﴿ إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات الغافلات المؤمنات لُعِنُواْ فِي الدنيا والآخرة وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [ النور : ٢٣ ] وجعل الولوغ في أعراض الناس ضرباً من ( إشاعة الفاحشةِ ) يستحق فاعلة العذاب الشديد كما قال تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفاحشة فِي الذين آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدنيا والآخرة ﴾ [ النور : ١٩ ] وقد عدّها ﷺ من الكبائر المهلكات فقال صلوات الله عليه : اجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هنَّ يا رسول الله؟ قال :« الشِّركُ بالله، والسحرُ، وقتلُ النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكلُ الربا، وأكلُ مال اليتيم، والتولي يومَ الزَّحف، وقذفُ المحصنات المؤمنات الغافلات ».
وغرضُ الإسلام من هذه العقوبة صيانة الأعراض، وحفظ كرامة الأمة، وتطهير المجتمع من مقالة السوء لتظل ( الأسرة المسلمة ) موفورة الكرامة، مصونة الجناب، بعيدة عن ألسنة السفهاء، وبهتان المغرضين.


الصفحة التالية
Icon