٢- واستدلوا بحديث ابن عباس المتقدم في قصة ( هلال بن أمية ) وفيه :( فجاء هلال فشهد والنبي ﷺ يقول : الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت )... الحديث وفيه لفظ الشهادة صراحة.
٣- وقالوا : إن كلمات الزوج في اللعان قائمة مقام الشهود، فتكون هذه الألفاظ شهادة.
أدلة الجمهور :
١- واستدل الجمهور بأن لفظ الشهادة قد يراد به ( اليمين ) بقوله تعالى :﴿ إِذَا جَآءَكَ المنافقون قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله ﴾ [ المنافقون : ١ ] ثم قال تعالى :﴿ اتخذوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ﴾ [ المنافقون : ٢ ] فسمى الشهادة يميناً.
٢- واستدلوا بقوله سبحانه ( أربع شهادات بالله ) فقد قرن لفظ الجلالة ( الله ) بالشهادة فدل على أنه أراد بها اليمين، وشهادة الإنسان لنفسه لا تقبل بخلاف يمينه.
٣- واستدلوا بما ورد في بعض روايات حديث ابن عباس من قوله ﷺ :« لولا الأيمان لكان لي ولها شأن ».
والخلاصة : فإن الأحناف يقولون : ألفاظ اللعان شهادات مؤكدات بالأيمان... والجمهور يقولون : إنها أيمان مؤكدة بالشهادة وردت بهذه الصيغة للتغليظ. فالأولون غلّبوا جانب الشهادة والآخرون غلبوا جانب اليمين.
الحكم الثالث : هل يجوز اللعان من الكافر والعبد والمحدود في القذف؟
وبناء على اختلاف الفقهاء في ( اللعان ) هو هو شهادة أم يمين ترتب عليه اختلافهم فيمن يجوز لعانه، فشرط الأحناف : في الزوج الذي يصح لعانه أن يكون أهلاً لأداء الشهادة على المسلم وكذلك الزوجة أن تكون أهلاً لأداء الشهادة على المسلم ( فلا لعان بين رقيقين، ولا بين كافرين، ولابين المختلفين ديناً، ولا بين محدودين في قذف ) واستدلوا على مذهبهم بما ورد عنه ﷺ أنه قال :« أربعة ليس بينهم لعان : ليس بين الحر والأمة لعان، وليس بين الحرة والعبد لعان، وليس بين المسلم واليهودية لعان، وليس بين المسلم والنصرانية لعان ».
واحتجوا بأن الأزواج لما استثنوا من جملة الشهداء بقوله :( ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) وجب ألاّ يلاعن إلا من تجوز شهادته فلا يصح اللعان إلا من ( زوجين، حرين، مسلمين ).
وذهب الشافعي ومالك وهو رواية عن أحمد : إلى أن كل من يصح يمينه يصح قذفه ولعانه فيجوز اللعان من كل زوجين حرين كانا أو عبدين، مؤمنين أو كافرين، فاسقين أو عدلين. وحجتهم أن قوله تعالى :﴿ والذين يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾ عام يتناول جميع الأزواج، والآية لم تخصص زوجاً دون زوج فوجب أن يكون اللعان بين كل الأزواج... وقالوا إن المقصود من اللعان دع العار عن النفس، ودفع ولد الزنى عن النفس، فكما يحتاج إليه المسلم يحتاج إليه غير المسلم، وكما يدفع الحر العار عن نفسه يدفع العبد العار عن نفسه والخلاصة : فإنَّ كلَّ من يجوز يمينه يجوز لعانه عند الجمهور.


الصفحة التالية
Icon