اللطيفة السادسة : أشارت الآية الكريمة وهي قوله تعالى :﴿ الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ والخبيثون للخبيثات ﴾ إلى مبدأ هام من مبادئ الحياة الاجتماعية، وهو أن النفوس الخبيثة لا تلتئم إلا مع النفوس الخبيثة من مثلها، والنفوس الطيبة لا تمتزج إلا بالنفوس الطيبة من مثلها، وحيث كان رسول الله ﷺ أطيب الأطيبين، وأفضل الأولين والآخرين، تبيّن أنّ الصدّيقة رضي الله عنها من أطيب النساء بالضرورة، وأنّ ما قيل في حقها كذب وبهتان كما نطق بذلك القرآن ﴿ أولئك مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾ ويا لها من شهادة قاطعة!!
قال أبو السعود :« هذا مسوق على قاعدة السنّة الإلهية، الجارية فيما بين الخلق، على موجب أنّ لله ملكاً يسوق الأهل إلى الأهل، لأن المجانسة من دواعي الانضمام... وما في الإشارة من معنى البعد ( أولئك ) للإيذان بعلو رتبة المشار إليهم، وبعد منزلتهم في الفضل، أي أولئك الموصوفون بعلو الشأن، مبرءون مما تقوّله أهل الإفك في حقهم من الأكاذيب الباطلة ».
اللطيفة السابعة : قال الزمخشري في تفسيره « الكشاف » :« لقد برَأ الله تعالى أربعة بأربعة : برّأ يوسف بلسان الشاهد ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ ﴾ [ يوسف : ٢٦ ]. وبرّأ موسى من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه.. وبرّأ مريم بإنطاق ولدها حين نادى من حجرها ﴿ إِنِّي عَبْدُ الله ﴾ [ مريم : ٣٠ ]. وبرّأ عائشة بهذه الآيات العظام في كتابه المعجز، المتلوّ على وجه الدهر، مثل هذه التبرئة بهذه المبالغات فانظر كم بينها وبين تبرئة أولئك؟ وما ذاك إلاّ لإظهار علو منزلة رسول الله ﷺ، والتنبيه على إنافة محل سيد آدم، وخيرة الأولين والآخرين وحجة الله على العالمين، ومن أراد أن يتحقّق عظمة شأنه ﷺ، وتقدّم قدمه، وإحرازه قَصَب السبق دون كل سابق، فليتلقّ ذلك من آيات الإفك، وليتأمل كيف غضب الله في حرمته، وكيف بالغ في نفي التهمة عن حجابه ».
خصائص السيدة عائشة رضي الله عنها
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :« لقد أُعطِيتُ تسعاً ما أعطيتهنّ امرأة : لقد نزل جبريل عليه السلام بصورتي في راحته حين أمر رسول الله ﷺ أن يتزوجني، ولقد تزوجني بكراً وما تزوّج بكراً غيري.


الصفحة التالية
Icon