٢- وذهب مالك وأبو حنيفة إلى القول بأنها جناية يجب فيها الأرش أو القصاص.
دليل الشافعية والحنابلة :
أ- حديث أبي هريرة ( من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقأوا عينه فقد هدرت عينه ).
ب- حديث سهل بن سعد قال :( اطَّلع رجل في حُجْرة من حجر النبي ﷺ ومع النبي مِدْرَى ( آلة رفيعة من الحديد ) يحك بها رأسه فقال : لو أعلم أنك تنظر لطعنت بها في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر ).
دليل المالكية والأحناف :
أ- عموم قوله تعالى :﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النفس بالنفس والعين بالعين... ﴾ [ المائدة : ٤٥ ] فمن أقدم على هذا النحو كان جانباً، وعليه القصاص، إن كان عامداً، والأرش إن كان مخطئاً.
ب- واستدلوا بإجماع العلماء على أن من دخل داراً بغير إذن أهلها فاعتدى عليه بعض أهلها بقلع عينه فإن ذلك يعتبر جناية تستوجب القصاص.
قالوا : فإذا كان دخول الدار واقتحامها على أهلها مع النظر إلى ما فيها غير مبيح لقلع عين ذلك الداخل، فلا يكون النظر وحده من ثقب الباب مبيحاً لقلع عينه من باب أولى.
ج- وتأولوا الحديث الذي استدل به ( الشافعية والحنابلة ) على أنّ من اطَّلع في دار قوم ونظر إلى حُرَمهم ونسائهم فمونع فلم يمتنع وقاوم وقاتل فقلعت عينه بسبب المقاومة والمدافعة فهي هدر، لأنه ظالم معتد في هذه الحالة.
قال أبو بكر الرازي :
« والفقهاء على خلاف ظاهر الحديث وهذا من أحاديث أبي هريرة التي تُرَدّ لمخالفتها الأصول مثل ما روي أن ابن الزنى لا يدخل الجنة، ومن غسّل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ.. ثم قال : ولا خلاف أنه لو دخل داره بغير إذنه ففقأ عينه كان ضامناً وعليه القصاص... إلخ ».
قال الفخر الرازي من فقهاء الشافعية وصاحب التفسر المسمى « التفسير الكبير » :
« واعلم أن التمسك بقوله تعالى :﴿ والعين بالعين ﴾ [ المائدة : ٤٥ ] في هذه المسالة ضعيف.
وأما قوله : إنه لو دخل لم يجز فقأ عينه فكذا إذا نظر. قلنا : الفرق بين الأمرين ظاهر، لأنه إذا دخل علم القوم دخوله عليهم فاحترزوا عنه وتستَّروا، فأما إذا نظر فقد لا يكونون عالمين بذلك فيطَّلع على ما لا يجوز الاطلاع عليه، فلا يبعد في حكم الشرع أن يبالغ هاهنا في الزجر حسماً لباب هذه المفسدة »
.
أقول : ولعلّ ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة أرجح، لقوة أدلتهم والله تعالى أعلم.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة
أولاً - وجوب الاستئذان عند دخول ببيت الغير.
ثانياً - حرمة الدخول إذا لم يكن في البيت أحد.
ثالثاً - وجوب الرجوع إذا لم يؤذن للداخل.
رابعاً - السلام مشروع للزائر لأنه من شعائر الإسلام.
خامساً - لا يجوز لإنسان أن يطلع على عورات الناس.
سادساً - البيوت إذا لم تكن مسكونة فلا حرج من دخولها.
سابعاً : على المسلم أن يرعى حرمة أخيه المسلم فلا يؤذيه في نفسه أو ماله.
ثامناً - في هذه الآداب التي شرعها الله طهارة للمجتمع والأفراد.


الصفحة التالية
Icon